وسار العسكر عن بغراس، بعد أن أخربوها، وبلدها، خراباً شنيعاً. ونزل العسكر الإسلامي بالقرب من دربساك،، فجمع الداوية جموعهم، واستنجدوا بصاحب جبيل وغيره، من الفرنج، وجمعوا راجلاً كثيراً، وساروا من جهة حجر شغلان إلى دربساك، ظناً منهم أن يكبسوا الربض، على غرة من أهله، وأن ينالوا منه غرضاً، فاستعد لهم من بالربض من الأجناد.
ونزل جماعة من أجناد القلعة، وقاتلوهم في الربض، قتالاً شديداً، وحموه منهم، واشتغلوا بقتالهم، إلى أن وصل الخبر إلى عسكر حلب، فركبوا، ووصلوا إليهم، وقد تعب الفرنج، وكلت خيولهم، فوقعوا عليهم، فانهزم الفرنج هزيمة شنيعة، وقتل منهم خلق عظيم.
واستولى المسلمون على فارسهم وراجلهم، وكان فيهم جماعة من المقدمين واختبأ منهم جماعة من الخيالة، وغيرهم، خلف الأشجار في الجبل، فأخذوا، ولم ينج منهم إلا القليل، ودخلوا بالرؤوس والأسرى إلى حلب، وكان يوماً مشهوداً وحبسوا في القلعة، ثم أنزلوا إلى الخندق.
وفتت هذه الوقعة في أعضاد الداوية، بالساحل، ولم ينتعشوا بعدها، وكانوا قد استطالوا على المسلمين والفرنج.
[وفاة كيقباذ والأشرف]
ومات في هذه السنة علاء الدين كيقباذ ملك الروم بقيصرية، في أوائل شوال، من سنة أربع وثلاثين وستمائة.
وسيرت رسولاً إلى ابنه غياث الدين كيخسرو، القائم في الملك بعده، بالتعزية، وتجدد الأيمان عليه، على القاعدة التي كانت مع أبيه، فحلفته على ذلك، في ذي القعدة.
وكان قد قبض هلى قيرخان مقدم الخوارزمية فهرب من بقي منهم، من بلاد الروم، ونهبوا في طريقهم ما قدروا عليه، وعبروا الفرات، واستمالهم الملك الصالح ابن الملك الكامل، وأقطعهم مواضع في الجزيرة.