وكذلك ورد حلب جماعة من القواد الطولونية، فعرضهم وتوجهوا إلى بغداد.
ووافى وصيف البكتمري وابن عيسى النوشري صاحب حلب بغداد، يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ومعهما طغج، وأخوه، وابن لطغج، فخلع عليهم وطوق منهم البكتمري وابن عيسى النوشري.
ثم شخص عيسى النوشري عن مصر إلى حلب، لأنه كان واليها. فلما كان بعد شخوصه إليها بأيام، ورد كتاب العباس بن الحسن الوزير بتولية عيسى النوشري مدينة مصر، ويؤمر محمد بن سليمان بالشخوص إلى طرسوس للغزو. فوجه محمد ابن سليمان من لحق عيسى بالرملة فرده، وورد إلى عيسى كتاب من السلطان بذلك فعاد والياً على مصر.
وولى المكتفي في هذه السنة أبا الحسن ذكا بن عبد الله الأعور، حلب، ودام بها إلى سنة اثنتين وثلاثمائة. وكان كريماً يهب ويعطي وإليه تنسب دار ذكا التي هي الآن دار الزكاة. وإلى جانبها دار حاجبه فيروز فانهدمت وصارت تلا يعرف بتل فيروز فنسفه السلطان الملك الظاهر رحمه الله في أيامه، وظهر فيه بقايا من الذخائر مثل الزئبق وغيره وهو موضع سوق الصاغة الآن. ولأبي بكر الصنوبري الشاعر فيه مدائح كثيرة.
وعاد محمد بن سليمان إلى حلب، ووافاه مبارك القمي بكتب يؤمر فيها
بتسليم الأموال، وركب إليه ذكا الأعور صاحب حلب، وأبو الأغر وغيرهما. فاختلط بهم وسار معهم إلى المدينة، فأدخلوه إلى الدار المعروفة بكوره، بباب الجنان، ووكلوا به في الدار.
وشخص ذكا عن حلب لمحاربة ابن الخلنج مع أبي الأغر إلى مصر ووجه بمحمد بن سليمان مقبوضاً إلى بغداد.
[خلافة المقتدر]
وتوفي المكتفي سنة خمس وتسعين ومائتين، وولي أخوه أبو الفضل المقتدر.
وعاثت بنو تميم في بلد، حلب، وأفسدت فساداً عظيماً، وحاصروا ذكا