فسار الأمير أسد الدولة أبو ذؤابة عطية بن صالح إلى الرحبة، فأخذ ما تركه البساسيري بها، من السلاح الذي لم ير مثله، كثرة وجودة، وأموالاً جزيلة كانت للبساسيري، ثم ولى فيها بعض أصحابه.
[حلب بين محمود بن نصر وناصر الدولة]
فطمع بنو كلاب حينئذ في حلب، وقوي جأشهم، وقدموا عليهم
الأمير محمود بن نصر بن صالح، لأن حلب كانت لأبيه شبل الدولة، فسار إليها محمود ببني كلاب، في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، ونزل عليها، وقاتلها، وأقام عليها سبعة أيام، ومعه منيع بن مقلد بن كامل، ثم رحل عنها. فطلب الأحداث من مكين الدولة مالاً ينفقه فيهم، فقال: " قد أخذتم واجبكم المقرر على الكمال، وتسلمتم أيضاً فلا تطمعوا في وصول شيء آخر إليكم. فعصى أحداث حلب عليه، وغدروا به، وأنفذوا إلى محمود بن نصر بن صالح فردوه.
فلما قرب منهم محمود، وثب أهل حلب على مدار الشريف القاضي معتمد الدولة يحيى بن يزيد الحسيني الزيدي، وكان قاضي الشام، وعلى دار رجل يعرف بالطهير جلال الدولة، وكانا مكرمين لأهل حلب فنهبوا داريهما، وأخرجوهما راجلين، حفاة، مكشفي الرؤوس إلى الضياع العربية، وكان من جملتهم: كندي، وابن الزغري، وابن عنتر، وابن الناقد.
ووصل محمود ببني كلاب، فسلموا إليه حلب يوم الإثنين مستهل جمادى