وجلس أخوه أسد الدولة عطية بن صالح بن مرداس في منصبه يوم الجمعة، فبلغ ذلك محمود بن نصر بن صالح وهو في حلته فلم يرض بالوصية، وأرسل إلى عطية يقول له: " إن معز الدولة شرط على نفسه أن يرد علي البلد عند موته لما تسلمه مني، وأنا أخذته بسيفي من المصريين عن غلبة وقهر، وهو إرثي عن أبي. وعرف ذلك مشايخ العشيرة واجتمعوا على صحة ما ذكره، وساعدوه على منازلة حلب، فكان في كل وقت يقصدها ويرعى زرعها ويأخذ ما في ضواحيها ويرحل عنها.
فجاء في رجب من سنة خمس وخمسين وأربعمائة، ونزل بحلته على عين سليم، فخرج إليه أسد الدولة عطية فكسره، ونهب حلته وانهزم محمود
ثم إنه تجمع إليه شبل الدولة بن جامع، ومحمد بن زغيب، وغيرهما من بني كلاب، ونزلوا على قنسرين وعطية نازل على السعدي بباب حلب فلم يقدروا على التزول على حلب.
فسار إليهم سيف الدولة منيع بن مقلد بن كامل فقوي جأش محمود به لأنه كان ذا مال عظيم. وكان كريماً يطعم العرب ويعلق على خيلهم، ويخلع ويهب، فلما حصل معهم نزلوا على حلب. وحاصروا حلب شهوراً فضرب حجر المنجنيق منيع بن مقلد فقتله.
وقيل: إن رجلاً حقيراً ضرب صدغه بمقلاع فيه حجر، فبقي أياماً، ومات، وذلك في العشر الأول من شوال سنة خمس وخمسين وأربعمائة.