الجف، فقاتله الحلبيون، فانكسر عليها وجرح وأخذ أسيراً، فمات في قلعة حلب في الأسر.
وسير معز الدولة كل من بقي من أصحابه مأسوراً إلى مصر، ففي ذلك يقول الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة:
يارفق رفقاً رب فحل غزه ... ذا المشرب الأهنى وهذا المطعم
حلب هي الدنيا تلذ وطعمها ... طعمان: شهد في المذاق وعلقم
قد رامها صيد الملوك فما انثنوا ... إلا ونار في الحشا تتضرم
وكان رفق لما نزل على حلب داهن عليه العرب الكلبيون، فأشار عليه عسكره أن يرحل عن حلب إلى صلدغ فلم يفعل، فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء وكلب فلم يفعل، فقيل له أن ينشىء سجلاً عن السلطان بأنه قد أقطع الشام لمعز الدولة، ويعود بهيبته فلم يفعل، فلما رآه أمراء العسكر لا يلتفت إليهم، ولا يقبل مشورتهم، ووقع القتال، انهزم العرب فانهزم العسكر معهم، فسير رفق إليهم وأمرهم بالعود يلتفتوا.
وخرج من حلب خيل يسيرة فشاهدوا رحيل العسكر فظنوا أنه حيلة فاتبعوهم، وغنموا منهم. وخرج من بحلب فلحقوا رفق الخادم، في طرف جبل جوشن، وجرح ثلاث جراحات، وأخذ والضرب القوي برأسه، فمات في القلعة ودفن في مشهد الجف. ونهب من العسكر شيء عظيم من الأموال والقماش والدواب.
[السيدة والمستنصر]
ثم أن معز الدولة ثمالاً استمال المستنصر بعد هذه الوقعة، ولاطفه، وحمل القسط إلى مصر على يد شيخ الدولة علي بن أحمد بن الأيسر، وسير معه ولده وثاب وزوجته علوية بنت دينار، وهدايا، وألطافاً فاخرة، وتحفاً جليلة.
فلما وصلت أكرمها المستنصر غاية الإكرام، وحضرت بين يديه،