واختار من يثق بشجاعته، ووقف بهم في الميمنة، فحمل الفرنج على القلب، فاندفع بين أيديهم غير مفرقين، فحمل أسد الدين بمن معه على من بقي منهم، فهزمهم ووضع السيف فيهم، وأكثر القتل والأسر، وعاد الذين حملوا على القلب فوجدوا أصحابهم قد مضوا قتلاً وأسراً فانهزموا.
وسار أسد الدين إلى الاسكندرية، ففتحها باتفاق من أهلها، واستناب بها صلاح الدين، وعاد إلى الصعيد، وجبى أمواله.
وتجمع الفرنج والمصريون، وحصروا صلاح الدين با لاسكندرية، فصبروا على الحصار إلى أن عاد أسد الدين، فوقع الصلح على أن بذلوا لأسد الدين خمسين ألف دينار، سوى ما أخذ من البلاد، وأن الفرنج لا يقيمون في البلاد، فاصطلحوا على ذلك، وعاد إلى الشام، وتسلم المصريون الاسكندرية.
[توسع نور الدين]
وأما نور الدين فإنه جمع العساكر في هذه السنة، ودخل من حمص إلى بلاد الفرنج، فنازل عرقة، ونهب بلدها، وخرب بلادهم، وفتح صافيتا والعريمة، وعاد إلى حمص، وخرج إلى بانياس، وخرج إلى هونين، فانهزم الفرنج عنه وأحرقوه، فوصل إليه نور الدين من الغد، فخرب سوره وعاد.
وكان حسان صاحب منبج قد مات، وأقطع نور الدين منبج ولده غازي بن حسان، فعصى عليه في هذه السنة، فسير إليه عسكراً، وأخذوها منه فأقطعها أخاه قطب الدين ينال بن حسان، وهو ائذي ابتنى المدرسة الحنفية بمنبج.
وفي سنة ثلاث وستين وخمسمائة، نزل شهاب الدين مالك بن علي بن مالك صاحب قلعة جعبر ليتصيد، فأخذه بنو كلاب أسيراً وحملوه إلى نور الدين في رجب، فاعتقله وأحسن إليه، ورغبه في الأقطاع فلم يجبه، فعدل إلى الشدة والعنف.
ثم سير إليها عسكراً فلم يقدر على فتحها، فعدل إلى اللين مع صاحبها،