للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نستريح من الأجناد وإلحاحهم في الطلب. ثم قد أصبح ملكاً عظيماً، وهو صاحب مصر، وأكثر الشام، وملوك الشرق فقد أطاعوه ومعظم الجزيرة في يده.

فقال له: والله هذا الذي قلته كله رأيي، وهو الذي وقع لي، فاخرج إليه، تحدث معه على أن يعطيني: الخابور، وسنجارة وأي شيء قدرت على أن ترداده فافعل، واطلب الرقة لنفسك.

ثم إن طمان كتم ذلك الأمر، وباكر القتال، وأظهر أن بداره واصطبله بالحاضر خشباً عظيماً، وأنه يريد نقضها، كيلا يحرقها العسكر، فكان يبيت كل ليلة في داره، خارج المدينة. ويجتمع بالسلطان الملك الناصر، خالياً، ويرتب الأمور معه، ويجيء إلى عماد الدين ويقرر الحال معه، وينزل، ويصعد إلى القلعة من برج المنشار، وكان عند باب الجبل الآن متصلاً بالمنشار إلى أن قرر مع الملك الناصر: أن يأخذ حلب وعملها، ولا يأخذ معها شيئاً من أموالها، وذخائرها، وجميع ما فيها من الآلات والسلاح، وأن يعطي عماد الدين عوضاً عنها: سنجار، والخابور، ونصيبين، وسروج، وأن يكون لطمان الرقة، ويكون مع عماد الدين. وشرط عليه أن تكون الخطابة والقضاء للحنفية بحلب، في بني العديم، على ما هي عليه، كما كان في دولة الملك الصالح، وأن لا ينقل إلى الشافعية.

هذا كله يتقرر، والقتال في كل يوم بين العسكرين على حاله. وليس عند الطائفتين علم بما يجري. ويخرج من الحلبيين في كل يوم عشرة آلاف مقاتل أو أكثر، يقاتلون أشد قتال.

[التهيئة للتسليم والاستلام]

ولم يعلم أحد من الأمراء ولا من أهل البلد، حتى صعدت أعلام الملك الناصر على القلعة، بعد أن توثق كل واحد من الملكين من صاحبه بالأيمان. فأسقط في أيدي أهل حلب والأمراء من الياروقية، وغيرهم. وخاف الياروقية على أخبارهم، والحلبيون على أنفسهم، تكرر منهم من قتال الملك الناصر، مرة بعد أخرى، في أيام الملك الصالح.

وصرح العوام بسبه، وحمل رجل من الحلبيين يقال له سيف بن المؤذن

<<  <   >  >>