وأما الحسين بن سعيد، فإنه لما وصل إلى الرقة وجد المتقي لله بها هارباً من توزون التركي وقد تغلب على بغداد، وسيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله ابن حمدان مع المتقي بالرقة، وقد فارق أخاه ناصر الدولة لكلام جرى بينهما. فلم يأذن المتقي لأبي عبد الله الحسين في دخول الرقة، وأغلقت أبوابها دونه، ووقعت المباينة بينه وبين ابن عمه سيف الدولة، وسفر بينهما في الصلح، فتم ومضى إلى حران ومنها إلى الموصل.
وقذم الإخشيذ عند حصوله بحلب مقدمته إلى بالس، وسار بعدها بعد أن سير المتقي أبا الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي يسأل الإخشيذ أن يسير إليه ليجتمع معه بالرقة، ويحدد العهد به، ويستعين به على نصرته، ويقتبس من رأيه. فلما وصل أبو الحسن إلى حلب تلقاه الإخشيذ، وأكرمه، وأظهر السرور والثقة بقرب المتقي، وأنفذ من وقته مالاً مع أحمد بن سعيد الكلابي إلى المتقي، وسار خلفه حتى نزل وبينه وبين المتقي الفرات، فراسله المتقي بالخرقي، وبوزيره أبي الحسين بن مقلة، فعبر إليه يوم الخمسين لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
ووقف بين يدي المتقي لله، ثم ركب المتقي لله فمشى بين يديه، وأمره أن يركب فلم يفعل، وحمل إليه هدايا ومالاً كثيراً، وحمل إلى الوزير أبي الحسين بن مقلة عشرين آلف دينار ولم يدع أحداً من أصحاب المتقي وحواشيه وكتابه إلا بره ووصله.
[خلافة المستكفي]
واجتهد بالمتقي لله أن يسير معه إلى الشام ومصر، فأبى فأشار عليه بالمقام مكانه، وضمن له أن يمده بالأموال فلم يفعل، إلى أن كاتبه توزون، وخدعه، وقبض عليه وبايع المستكفي.