وفي هذه السنة سلم أمير من أمراء المغاربة يعرف بابن المرأة حصن أسفوناً إلى الأمير عز الدولة محمود بن نصر بن صالح. وتولى ذلك الأمير سديد الملك أبو الحسن علي بن متقذ.
[بين المرداسيين والروم]
وفي يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شعبان، فتحت أرتاح بالسيف، ونهب جميع ما فيها وما في حصنها من الأموال والذراري، وكان فيها خلق عظيم من النصرانية لأن جميع من كان في تلك المواضع منهم حصل بها لأنها كانت الكرسي لهم هناك. وقتل من رجالها نحو ثلاثة آلاف رجل، وقد كان الملك ابن خان حاصرها زهاء خمسة أشهر.
وأتى عسكر عظيم من عساكر الروم، فنزل على باب أنطاكية ليصالح الملك ابن خان عن أرتاح وغيرها من بلادهم، فلم يتم بينهم صلح. وإنما كان غرض العسكر أن يدس إلى أنطاكية غلة حملت إلى السويداء لتقويتها.
وكان فتح أرتاح فتحاً عظيماً لأن عملها قريب من أعمال الشام، من
الفرات الى العاصي إلى أفامية إلى باب أنطاكية إلى الأثارب. وقيل بأنهم أحصوا إلى شهر رمضان من هذه السنة أنه افتقد من الروم في الدرب إلى أفامية بحساب قتلا وأسراً ثلاثمائة آلف نفر.
وخرج ملك الروم في سنة إحدى وستين وأربعمائة إلى ديار الشام فأخذ كثيراً من أهل منبج، وهرب أهلها من حصنها فأخذه، وشحنه رجالاً وغلة وعدة. وسار إلى عزار فوقف عليها ساعة، ورجع جاولاً، وسلط الله عليه وعلى أصحابه الغلاء، والعلة، والوباء. فذكر ملك الروم للقاضي القضاعي رسول المصريين أنه ومات له في يوم واحد ثلاثة آلاف من خيله سوى عسكره.
وقيل: إن منبج بقيت في بلد الروم سبع سنين، وهذا الملك هو ديوجانس. ولا يبعد عندي أنه الذي عناه هرقل بقوله:" لا يعود إليك رومي إلا خائفاً حتى يولد المولود المشئوم، ويا ليته لا يولد ".