ولما وصل شرف الدولة إلى حماة قبض على جميع الأتراك الذين بالشام وأخذ منهم الحصون التي كانت في أيديهم، وهي بيت لاها، وتل اغدي، وهاب، وكفرنبل، وقبض على وثاب وشبيب ابني محمود، وأخذ منهما قلعة عزاز والأثارب، وأطلقهما بعد ذلك، وحمل الأتراك، وحبسهم في الرحبة فداموا بها إلى أن قتل.
وقبض شرف الدولة على أكثر أقطاع بني كلاب بالشام، وعاد إلى حلب، وقبض على حسن بن وثاب النميري أمير بني نمير، وكان قد حصره بسروج في العام الخالي فسلمها إليه بعد أن عوضه عنها بنصيبين فاعتقله بحلب مدة وقتله وفي نزوله على شيزر، وقتاله حصن الجسر، وفعل وزيره أبي العز ابن
صدقة من المصادره، يقول أبو المعافى سالم بن المهذب المعري:
أمسلم لا سلمت من حادث الردى ... وزرت وزيراً ما شددت به أزرا
ربحت ولم تخسر بحرب ابن منقذ ... من الله والناس المذمة والوزرا
فبلغت الأبيات شرف الدولة، فقال:" من يقول هذا فينا " قالوا: " رجل من أهل المعرة يقال له ابن المهذب " قال: " ما لنا وله، اكتبوا إلى الوالي بالمعرة يكف عنه، ويحسن إليه فربما يكون قد جار علي وأحوجه إلى أن قال ما قال ".
وعاد شرف الدولة إلى الجزيرة، وقد جرت منه هذه الحوادث، وأجحف ببني كلاب، فأجمع رأي وثاب وشبيب ابني محمود، وخلف ابن ملاعب الأشهبي صاحب حمص، وأبي الحسن بن منقذ، ومنصور بن الدوح على مكاتبة الملك تاج الدولة بدمشق، وشكوا أحوالهم، وعرضوا عليه خدمتهم، وأطمعوه في الشام.