واضطربت أحوال بلد حلب من ليلون إلى شيزر، وتبدل الخوف بعد الأمن والسكون، وهرب أهل الجزر وليلون إلى حلب، فأدركهم خيل الفرنج فسبوا أكثرهم، وقتلوا جماعة. وكانت هذه النكبة على أعمال حلب أعظم من النكبة الأولى على كلا.
ونزل طنكريد على تل أغدي، من عمل ليلون، وأخذه وأخذ بقية الحصون التي في عمل حلب ولم يبق في يد الملك رضوان من الأعمال القبلية إلا حماة ومن الغربية إلا الأثارب، والشرقية والشمالية في يديه، وهي غير آمنة.
[الباطنية]
وسير أبو طاهر الصائغ الباطني جماعة من الباطنية من أهل سرمين إلى خلف ابن ملاعب بتدبير رجل يعرف بأبي الفتح السرميني، من دعاة الإسماعيلية، فقتلوه ووافقهم جماعة من أهل أفامية، ونقبوا سور الحصن، ودخلوا منه، وطلع بعضهم إلى القلة فأحس بهم، فخرج فطعنه أحدهم
بخشت فرمى بنفسه، فطعن أخرى فمات، ونادوا بشعار الملك رضوان.
ووصل أبو طاهر الصائغ إلى الحصن عقيب ذلك وأقام به، وسار طنكريد إلى أفامية، فقطع عليها مالاً أخذه، وعاد فوصله مصبح بن خلف بن ملاعب وبعض أصحابه، فأطمعوه في أفامية، فعاد ونزلها، وحاصرها فتسلمها في الثالث عشر من محرم من سنة خمسمائة بالأمان وقتل أبا الفتح السرميني بالعقوبة، ولم يف لأبي طاهر الصائغ بالأمان، وحمله معه أسيراً فاشترى نفسه بمال، ودخل حلب، وفي سنة إحدى وخمسمائة، عصى ختلع بقلعة عزاز، واستقر أن يسلمها إلى طنكريد، ويعوضه عنها موضعاً غيرها، فسار رضوان إليها فتسلم عزاز منه وبلغ رضوان، في، سنة احدى وخمسمائة، ما ذكر به من مشايعة الباطنية، وأنه