ينقل إليهم البقول الرطبة، والخضراوات من جزيرة قبرس فتصبح عندهم في اليوم الثاني.
[تحرك الصليبيين الألمان]
وسير السلطان إلى الخليفة، وإلى ملوك الإسلام، يستنفر ويستصرخ، واتصلت الأخبار بوصول ملك الألمان إلى القسطنطينية، في ستمائة ألف رجل، منهم ثلاثمائة ألف مقاتل، وثلاثمائة ألف سوقة، وأتباع وصناع.
وحكي أنه كان في عسكره خمسة وعشرون ألف عجلة تنقل الأسلحة والعلوفات، فأسقط في أيدي المسلمين، واستولى اليأس عليهم، وتعلقت آمالهم أنه ربما مانعه من في طريقه من الأرج ومن قلج أرسلان، فلم يتفق شيء من ذلك، بل سار، وقطع البلاد، حتى وصل إلى قونية.
وأرسل الله عليهم وباء عظيماً وحراً عظيماً، ومجاعة أحوجتهم إلى نحر دوابهم، وذبح البقر الذي يجر العجل، فكان يموت في كل يوم ألوف من الرجال، ويسابقون الموتان إلى ما معهم من الدواب الحاملة للأثقال، حتى وصلوا إلى أنطاكية ولم يبق منهم إلا دون العشر.
وكان في جملة من مات منهم ملكهم الذي غزا الشام، في سنة أربع وأربعين، وحاصر دمشق، مات غريقاً في نهر بطرسوس يقال له الفاتر، نزل، وسبح فيه فغرق. وقيل بأنه سبح فيه وكان الماء بارداً، فمرض ومات. وأخذ وسلق في خل، وجمعت عظامه، ليدفن في البيت المقدس.
وأوصى بالملك لابنه مكانه، واتفقت الكلمة عليه، فمرض بالثنيات، وأقام بها، وسير كند أكرا على عسكره، ووصل إلى أنطاكية، فمات ذلك الكند بها. وخرج البرنس إلى الملك، واستدعاه إلى أنطاكية طمعاً في أنه يموت ويأخذ