وقيل: إنه كان كتبها أبو محمد من عزاز إلى سديد الملك بن منقذ، ويذكر له في كتابه أخواله ولجاج محمود في طلبه، وتغير نيته فيه، وخوفه من غائلته وظلمه.
[الشاعر ابن حيوس]
وفي سنة خمس وستين وأربعمائة وقيل في شوال سنة أربع وستين وفد أبو الفتيان بن حيوس على محمود بن نصر بن صالح، وكان سديد الملك بن منقذ اجتمع به بطرابلس، ورأى نفور بني عمار منه لأجل ميله إلى الدولة المصرية، فأشار عليه أن يقصد محموداً بحلب، فقصده صحبة نصر بن سديد الملك بن منقذ، فأحضره محمود.
وكان قد جلس في مجلسه وأمر بإحضار الشراب فشرب أقداحاً، ثم قال: ارفعوا الخمر فإن ابن حيوس يحضرني ممتدحاً، وفي نفسي أن أهبه جائزة سنية فإن كان الشراب في مجلسي قيل وهبه وهو سكران " فرفع وحضر الأمير أبو الفتيان فأنشده قصيدته الميمية التي أولها:
قفوا في القلى حيث انتهيتم تذمماً، ... ولا تقتفوا من جار لما تحكما
أرى كل معوج المودة يصطفى ... لديكم، ويلقى حتفه من تقوما
وهي قصيدة طويلة، أحسن فيها كل الإحسان، وذكر إشارة ابن منقذ عليه بقصده فقال:
سأشكر رأياً منقذياً أحلني ... ذراك فقد أولى جميلا وأنعما
فوهب له آلف دينار ذهباً في صينية فضة، وجعلها له رسماً علية في كل سنة.
واحتفر الخندق بحلب فجاءه أبو الفتيان فقال: " هذه أعمال يعجز عنها كسرى وذو الأكتاف " فقال محمود: " ما كان الأمير أبو الحسن ينفذك حتى عملت واجتمع بباب محمود بن نصر جماعة من الشعراء، فلم تصل إلى واحد منهم جائزة غير ابن حيوس، فكتب إليه ابن الدويدة، المعروف بالقاق:
على بابك الميمون منا عصابة ... مفاليس فانظز في أمور المفاليس
وقد قنعت منك العصابة كلها ... بعشر الذي أعطيته لابن حيوس