وسيرهم في الوثاق إلى حلب مشاة، وهرب جاولي إلى رفنية، وسار بعد ذلك إلى أخيه بدمشق.
وكان نصر حين ملك حلب واستقر بها أمر بقتل وزير أبيه أبي الحسن علي بن أبي الثريا القائد، صاحب الدار التي هي المدرسة العصرونية، فقتل وكان راكباً تحت القلعة، وهو في حشمه على بغلته، وعمل في رجله حبل وجذبت جثته من تحت القلعة إلى باب أنطاكية، جزاء على ما فعله بأبي بشر، وصدق قال أبي بشر فيه على ما ذكرناه وكان نصر قد اتهمه بأنه أشار على أبيه أن يولي أخاه الأصغر شبيباً، وكذلك قتل نصر ناجية بن علي أحد ولاة أبيه.
واستوزر نصر أبا نصر محمد بن الحسن التميمي المعروف بابن النحاس الحلبي، وبقي وزيراً بعده لسابق أخيه إلى أن اعتقله، ثم أطلق وكان أبو نصر كاتباً لمحمود قبل وزارته.
وفي يوم عيد الفطر من سنة ثمان وستين وأربعمائة، عيد نصر بن محمود، وهو في أحسن زي، وكان الزمان ربيعاً والأرض نضرة، واحتفل الناس في عيدهم وتجملوا بأفخر ملابسهم، ودخل عليه ابن حيوس فأنشده قصيدة منها:
ضفت نعمتان خصتاك وعمتا ... حديثها حتى القيامة يوثر
[مقتل نصر]
وقبض نصر على الأمير أحمد شاه التركي، واعتقله في القلعة، وجلس فشرب إلى العصر، وحمله السكر على الخروج إلى الأتراك، وسكناهم في الحاضر، وأراد أن ينهبهم، وحمل عليهم، فرماه تركي بسهم في حلقه فقتله، وتبعه أصحابه فوجدوه قد مات، وذلك يوم الأحد مستهل شوال من سنة ثمان وستين وأربعمائة وكان نصر أهوج.