وأسروا من كان فيها. وعاد السلطان إلى الثقل. وأحضر صاحبها ومعه من أهله سبعة عشر نفراً، فرق له السلطان، وأطلقه مع جماعته، وأنفذهم إلى صاحب انطاكية، إستمالة له. فإنهم كانوا من أهله.
[درب ساك وبغراس وصفد والكرك]
ثم سار السلطان حتى نزل على درب ساك، يوم الجمعة ثامن شهر رجب من السنة، فقاتلها قتالاً شديداً بالمنجنيقات. وأخذ النقب تحت برج منها، فوقع، وحماه الفرنج بالرجال، ووقفوا فيه يحمونه على كل من يروم الصعود فيه، وجعلوا كلما قتل منهم واحد أقاموا غيره مقامه، عوضاً عن السور.
ثم طلبوا الأمان على أن ينزلوا بأنفسهم وثيابهم لا غير، بعد مراجعتهم أنطاكية، وتسلمها السلطان، يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رجب، وأعطاها علم الدين سليمان بن جندر.
وسار عنها بكرة السبت، ثالث عشري الشهر، ونزل في مرج بغراس، وأحدق بعض العسكر ببغراس، وأقام يزكا على باب أنطاكية بحيث لا يشد عنه من يخرج منها. وقاتل البلد مقاتلة شديدة حتى طلبوا الأمان، وشرطوا إستئذان أنطاكية. وتسلمها في ثاني شعبان من السنة.
وفي ذلك اليوم عاد إلى الخيم، وراسله أهل أنطاكية في طلب الصلح فصالحهم، لشدة ضجر العسكر، وقلق عماد الدين صاحب سنجار لطلب العود إلى بلاده. واستقر الصلح بينه وبين صاحب أنطاكية على أنطاكية لا غير، دون غيرها من بلاد الفرنج، على أن يطلقوا جميع أسرى المسلمين الدين عندهم. وأن يكون ذلك إلى سبعة أشهر، فإن جاءهم من ينصرهم وإلا سلموا البلد إلى السلطان.