إلى أن اتفق الحال على أن عوضه عنها بسروج وبزاعا والملوحة، وسلم إليه القلعة في سنة أربع وستين، وقيل لمالك: " أيما أحب إليك سروجاً أو القلعة؟ فقال: هذه أكثر مالاً، وأما العز ففارقناه بالقلعة.
وفي هذه السنة أطلق نور الدين في بلاده بعض ما كان قد بقي من المظالم والمؤن.
ثم إن الفرنج طمعوا في الديار المصرية فصعدوا إليها في سنة أربع وستين وخمسمائة، وأخذوا بلبيس وساروا إلى القاهرة فقاتلوها، وسير العاضد يستغيث إلى نور الدين، وسير شعور نسائه في الكتب، فوصله الرسول وهو بحلب، وبذل له ثلث بلاد مصر، وأن يكون أسد الدين مقيماً عندهم.
[قتل شاور وموت أسد الدين]
وكتبوا إلى أسد الدين بمثل ذلك، فوصل إلى نور الدين إلى حلب من حمص وقد عزم على الايفاد إليه، فأمره بالتجهز إلى مصر، وأعطاه مائتي ألف دينار سوى الثياب والسلاح والدواب، وحكمه في العسكر والخزائن فاختار ألفي فارس، وأخذ المال وجمع ستة آلاف فارس، وسار هو ونور الدين إلى دمشق فوصلها سلخ صفر، ورحل إلى رأس الماء.
وأضاف إلى أسد الدين جماعة أخرى من الأمراء منهم: عز الدين جورديك وغرس الدين قلج، وشرف الدين برغش، وعين الدولة بن ياروق، وقطب الدين ينال بن حسان، وصلاح الدين ابن أخيه.
وسار أسد الدين، فلما قارب مصر رحل عنها الفرنج إلى بلادهم، ووصل أسد الدين إلى القاهرة سابع جمادى الآخرة، ودخل إليها واجتمع بالعاضد، وخلع عليه وعاد إلى خيامه، وفي نفس شاور منه ما فيها، ولا يتجاسر على إظهاره.