فرحل السلطان، يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر، وخلف طبرية وراء ظهره، وصعد جبلها، وتقدم إلى الفرنج، فلم يخرجوا من خيمهم، فنرل، وأمر العسكر بالنزول، فلما جنه اليل، جعل في مقابلة الفرنج من يمنعهم من القتال. ونزل إلى طبرية جريدة، وقاتلها، وأخذها في ساعة من نهار، ونهبوا المدينة وأحرقوها.
فلما سمع الفرنج بذلك، تقدموا إلى عساكر المسلمين، فعاد السلطان إلى عسكره، والتقى الفريقان، وجرى بينهما قتال، وفرق بينهما اليل. وطمع المسلمون فيهم، وباتوا يحرض بعضهم بعضاً.
فلما كان صباح السبت لخمس بقين من الشهر، طلب كل من الفريقين موضعه، وعلم المسلمون أن الأردن من ورائهم، وبلاد القوم بين أيديهم، فحملت العساكر الإسلامية من الجوانب، وحمل القلب، وصاحوا صيحة واحدة، فهرب القمص في أوائل الأمر نحو صور، وتبعه جماعة من المسلمين، فنجا وحده، فلم يزل سقيماً حتى مات في رجب.
[حطين وأنهزام الفرنج ونهاية أرناط]
وأحاط المسلمون بالباقين من كل جانب، فانهزمت منهم طائفة، فتبعها المسلمون فلم ينج منهم أحد. واعتصمت الطائفة الأخرى بتل حطين، وحطين: قرية عندها قبر شعيب عليه السلام فضايقهم المسلمون على التل، وأوقدوا النيران حولهم، فقتلهم العطش. وضاق الأمر بهم حتى استسلموا للأسر، فأسر مقدموهم وهم الملك جفري، والبرنس أرناط صاحب الكرك وأخو الملك، وابن الهنفري، وأولاد الست، وصاحب جبيل، ومقدم الداوية، ومقدم