فلم يبت في قلعتها غير ليلة واحدة. ومضى إلى بدر الدين دلدرم، بتل باشر، منهزماً من السلطان. فوصل السلطان إليها ونزل عليها محاصرا لها، فسلمها من كان بها إليه، وحار جميع ما كان فيها من الذخائر والأموال، ورتب أمورها.
وسار منها إلى منبج وسير نجدة للملك الكامل ابن عمه العادل، وكان نازلاً على ماردين لأن صاحبها صار مع ركن الدين بن قلج رسلان، ونزل السلطان في بدايا، واتفق الأمر بينه وبين صاحب ماردين وابن الملك على الصلح، فعاد إلى حلب بعد أن توجه إلى البيرة.
وخرج من البحر جمع كبير من الفرنج، في سنة تسع وتسعين وخمسمائة. ووصلت طائفة منهم إلى جهة انطاكية، مجتازة على اللاذقية في البر، وكان مقطع اللاذقية إذ ذاك، سيف الدين بن علم الدين. وعبروا في أرض اللاذقية، على كره من المسلمين، وفي عزمهم إن رأوا لهم طمعاً في اللاذقية يأخذوها.
فخرج سيف الدين بعسكره، والتقوا، ونصره الله عليهم، وأسر ملوكهم ومقدميهم وكان ملكهم أعور وقتل منهم جمعاً كثيراً، ووصل الأسرى، والملك، والرؤوس، والخيل والسلاح، إلى حلب وكانت غنيمة عظيمة.
وعصى الملك الأفضل على عمه الملك العادل، في البلاد التي كان أعطاه إيا ها، فسير، واستعاد منه شيحتان، وجملين، والموزر، وسروج، والسن، وسار الملك الظاهر إلى قلعة نجم فأخذها من الملك الأفضل، خوفاً أن يستولي عليها عمه، وكان الملك الظاهر قد سلمها إلى الأفضل، فوصلت أم الملك الأفضل إلى حلب، تسأل الملك الظاهر، سؤال عمه فيه، وفي رد البلاد عليه، فسير معها إلى دمشق سيف الدين بن علم الدين في ذلك، فلم يجب إلى ترك شيء من البلاد عليه، سوى سميساط. وشرط عليه أن لا تكون له حركة بعد ذلك.
[من حوادث سنة ٦٠٠ هجرية]
ووصلت الأخبار بحركة الفرنج إلى جبلة واللاذقية، فسير السلطان إليها العساكر، وأمرهم بخراب جبلة واللاذقية فلم يكن للفرنج حركة. وخربت قلعة