ورأى القاضي بهاء الدين، وسيف الدين بن علم الدين، وسيف الدين بن قلج، وغيرهما، غير ذلك، وقالوا: إن هذا إذا فعل، كان الملك العزيز على خطر من الجانبين، لأن الملك العادل ملك عظيم، وصاحب الديار المصرية، فإذا قبلنا ذلك خرج من أيدينا، فإن كانت الغلبة له انتزع الملك من أيدينا.
وإن كانت عليه فلا نأمن أن الملك الأفضل، يتغلب على ابن أخيه وينتزع الملك منه، ويستقل به، كما فعل الملك العادل بابن العزيز، والملك العادل قد حلف للملك الظاهر،، ولابنه الملك العزيز من بعده، وهو ابن ابنته، وابنته بقلعة حلب، ونحن نطالبه بالوفاء بالعهد، وهو يذب عن حلب كما يذب عن غيرها من ممالكه، وأمور الخزائن هي راجعة إلى شهاب الدين طغرل، وهو متولي القلعة. والرأي أن يقع الاتفاق عليه، فإن المال عنده بالقلعة، وهو فيها ينتصف ممن خالفه، وقد وقع اعتماد الملك الظاهر عليه.
فاتفق رأيهم كلهم عليه.
وعملت نسخة يمين، حلف بها جماعة والمقدمين من أهل البلد، على الموالاة، والطاعة للملك العزيز، ثم من بعده لأخيه الملك الصالح، وعلى الموالاة لأتابكه شهاب الدين طغرل، وانقاد الجميع له طائعين ومكرهين.
وأبعد الوزير ابن أبي يعلى، وصرف، واستقر الأمر على ذلك، في أواخر شعبان، في السنة.
وسار ابن أبي يعلى عن حلب، في شهر رمضان من السنشة، واستقل طغرل بترتيب البلاد والقلاع وتفريق الأموال والأقطاع، ولا يخرج في ذلك كله، عن رأي القاضي بهاء الدين، وسيف الدين بن علم الدين، وسيف الدين بن قلج.
وأقطع علم الدين قيصر دربساك، وابن أمير التركمان اللاذقية، وسير علم الدين إلى الملك الزاهر، أولاً، يعاتبه على استيلائه على البلاد، فاعتقله، وقال: أنا أحق بذلك، فإنني كنت ولي العهد لأخي، وقد حلف لي الناس. وطمع بملك حلب، ثم انقاد إلى الطاعة والخطبة، وشرط أن تبقى البلاد، التي استولى عليها بيده، فأجيب إلى ذلك.