ولما خرج أولاد بكجور بأموالهم وآلاتهم استكثرها سعد الدولة، فقال له وزيره أبو الهيثم بن أبي حصين:" أنت حلفت لهم على مال بكجور، ومن أين لبكجور هذا المال؟ بل هذه أموالك ". فغدر بهم، ونكث في يمينه، وقبض مال بكجور إليه، وكان مقداره ثمانمائة ألف دينار وصادر نواب بكجور، واستأصل أموالهم.
ثم عاد إلى حلب فأصابه الفالج في طريقه. وقيل: أصابه في طريقه قولنج فدخل إلى حلب، وعولج فبرىء. ثم جامع جارية له، فأصابه الفالج، واستدعى الطبيب، وطلب يده ليجس نبضه، فناوله اليسري، فقال: اليمين فقال: ما أبقت اليمين يمين يشير إلى غدره، ونكثه في اليمين التي حلفها لأصحاب بكجور. وكان مبدأ علته لأربع بقين من جمادى الأولى، ومات ليلة الأحد لأربع بقين من شهر رمضان من سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. وحمل في تابوت إلى الرقة، ودفن بها.
وكان قاضي حلب في أيامه أبا جعفر أحمد بن إسحاق قاضي أبيه، ثم ولي قضاءها رجل هاشمي يقال له ابن الخشاب، ثم ولي الشريف أبو علي الحسن بن محمد الحسيني والد الشريف أبي الغنائم النسابة، وكان زاهداً عالماً ولاه سعد الدولة قضاء حلب وعزل ابن الخشاب عنه في سنة ثلاث وستين،
ودام في ولايته إلى تسع وسبعين وثلاثمائة، وولي بعده أبو محمد عبيد الله بن محمد.
وكان العزيز أرسل إلى سعد الدولة يسأله إطلاق أولاد بكجور وتسييرهم إلى مصر فأهان الرسول، ولم يقبل الشفاعة، وورد عليه جواب متوعد متهدد.