ثم إن بكجور قوي أمره واستفحل، وأخذ إليه أبا الحسن علي بن الحسين المغربي، واستوزره لمباينة حصلت بينه وبين سعد الدولة وعاث على أعمال سعد الدولة، وجمع إليه بني كلاب، واستغوى بني نميرة فبرز مضرب الأمير سعد الدولة، يوم السبت الثاني والعشرين من محرم سنة إحدى وثمانين، إلى ظاهر باب الجنان.
وسار يوم السبت سلخ المحرم، على أربع ساعات، وقد كان بكجور
سار إلى بالس، وحاصر من كان بها فامتنعوا عليه، فقصده سعد الدولة، والتقوا على الناعورة، في سلخ المحرم من سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وهزم بكجور، وهرب، واختفى عند رحا القديمي على نهر قويق، وبث سعد الدولة الناس خلفه، وضمن لمن جاء به شيئاً وافراً، فظفر به بعض الأعراب، وأتى به إلى سعد الدولة، فضرب عنقه صبراً بين يديه، ببندر الناعورة، وصلبه على سبع ساعات من يوم الأحد مستهل صفر.
ورحل سعد الدولة يوم الثلاثاء إلى بالس فوجد بكجور قد أخرب ربضها، فأقام بها أربعة أيام.
ورحل حتى أتى الرقة، وبها حرم بكجور وأمواله وأولاده فتلقاه أهل الرقة بنسائهم، ورجالهم، وصبيانهم، فأقام بقية يومه.
ونزل أهل الرقة، فاحتاطوا بحرم بكجور وأولاده فآمنهم سعد الدولة، في اليوم التاسع من صفر، وتنجزت أمورهم إلى يوم الخميس الثاني عشر منه. ورضي عن أولاده، واصطنعهم، ووهب لهم أموال بكجور، وحلف لهم على ذلك، فمدحه أبو الحسن محمد بن عيسى النامي بقصيدة أولها:
غرائز الجود طبع غير مقصود ... ولست عن كرم يرجى بمصدود