وأنكر السلطان ذلك ووعدهم بما طابت به نفوسهم، ووقع لهم بإقطاعهم في الشام، وأقطع الشام لأخيه تاج الدولة تتش، وأمره بالمسير إلى الشام في أوائل سنة سبعين وأربعمائة وتقدم السلطان ملك شاه إلى أفشين بن بكجى، وصندق التركي، ومحمد بن دملاج، وابن طوطو، وابن بريق، وغيرهم، من أمراء الترك بالكون مع تاج الدولة والمسير في خدمته
فسار تاج الدولة ومعه وثاب بن محمود ومبارك بن شبل وحامد بن زغيب، حتى وصل إلى ديار بكر، وتواصلت إليه آلاف حاد مع المذكورين، وكان أحمد شاه قد حصر أنطاكية مئة ومعه عسكر حلب واشتد الغلاء بها في هذه السنة، واستقرت الحال على خمسة آلاف دينار مقاطعة، فأخذها، ورحل عنها إلى حلب.
ولما قرب تاج الدولة من الشام هرب جماعة الأتراك المقيمين بحاضر حلب مع أحمد شاه إلى حصن الجسر وكان ابن منقذ جدد عمارته ليضايق به شيزر، ويقطع المادة عنها من بلد الروم، وأذن له سابق بن محمود في ذلك، فجدد في هذه السنة فتركوا أموالهم وأهاليهم بهذا الحصن، وعادوا إلى خدمتهم بحلب، ولم يأمنوا أهل حلب أن يتركوا حرمهم عنده لما كانوا فعلوه بابن خان، وتغير الهواء بالجسر عليهم، فهلك عاقتهم بهذا الموضع.
وأما تاج الدولة تتش فإنه أقام بالمروج إلى أن وصلته بنو كلاب بالطعن، ونزلوا حلب في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
ووصل شرف الدولة أبو المكارم مسلم بن قريش في عسكر كثير بأمر ملك شاه، ونزل معه على حلب معيناً له، وحصروها ثلاثة أشهر وعشرين يوماً، وكان نزوله على حلب لثلاث خلون من ذي القعدة من سنة إحدى وسبعين وأربعمائة لمكان القتال عليها متصلاً.
وقتل أحمد شاه مقدم الأتراك بحلب بطعنة أصابته في الحرب، وكان هوى