المسلمين، وفيها عسكر حلب وصاحب الحصن، فانهزم المسلمون حتى وصلوا إلى جدارهم، ونور الدين واقف بازائهم على تل هناك يتضرع إلى الله، وهو مكشوف الرأس.
وبقي راجل الفرنجك فوق عم، مما يلي حارم بالصفيف، فعطف عليهم زين الدين علي كوجك، في عسكر الموصل، وكان نور الدين قد جعله كميناً في طرف العمق، وآجام القصب، فقتلهم عن آخرهم.
ورجعت الخيالة من الفرنج خوفاً على الراجل أن يتبعوا المسلمين، فيقع المسلمون عليهم، فوجدوا الأمر على ما قدروه، فرأوا الرجالة منهم قتلى وأسرى، واتبعهم نور الدين مع من انهزم من المسلمين، فأحاطوا بهم من جميع الجهات، فاشتد الحرب، وكثر القتل في الفرنج، فوقعت عليهم الغلبة.
وعدل المسلمون إلى الأسر، فأسروا صاحب أنطاكية، وصاحب طرابلس، والدوك مقدم الروم، وابن جوسلين، ولم يسلم إلا مليح بن لاون، قيل إن الياروقية أفرجوا له حتى هرب، لأنه كان خالهم. وكان عدة القتلى تزيد على عشرة آلاف.
وسار إلى حارم فملكها في شهر رمضان من السنة، وبث سراياه في أعمال أنطاكية، فنهبوها وأسروا أهلها، وباع البرنس بمال عظيم وأسرى من المسلمين.
ثم ساروا في هذه السنة إلى دمشق، بعد أن أذن لعسكر الموصل وديار بكر بالعود إلى بلادهم، ثم خرج إلى بانياس، فحصرها وقاتلها. وكان معه أخوه نصرة الدين أمير أميران وكان قد رضي عنه وسامحه وهو على حارم، بعد أن دخل إلى الفرنج، فأصابه سهم أذهب إحدى عينيه، فقال له: لو كشف لك عن الأجر الذي أعد لك لتمنيت ذهاب الأخرى. وجد في حصارها وفتحها، وملأ