فقالوا لعز الدين: إن طماناً سيهرب بعده، فأمر عز الدين مظفر الدين بن زين الدين، وبني الغراف، والجرايحي وغيرهم أن يميدوا من السعدي إلى المباركة في طريقه، وأن يقف جماعة حول دار طمان وكان يسكن خارج المدينة.
فلما لم يجر من طمان شيء من ذلك، جاؤوا إليه نصف الليل، وطلبوه، فخرج إليهم، فوجد ابن زين الدين وبني الغراف، فسألهم عما يريدون، فقالوا. إنه أنهي إلىعز الدين بأنك تريد الهرب، وقد أمرنا بأن نعوقك فقال: والله ما لهذا صحة، ولو أردت المسير عن حلب لمضيت لا على وجه الخفية، ولا أخاف من أحد.
فجعلوا لهم طريقاً آخر إلى نيل غرضهم، وأصبحوا، وعز الدين منتظر ما يكون، فقالوا له: كان قد عزم على الهرب، فلما علم أن الطريق قد أخذ عليه، وأن الدار قد أحيط بها آخر ذلك إلى وقت ينتهز فيه الفرصة، والمصلحة قبضه قبل هربه. فأمرهم بأن يقبضوه محترماً، ويحضروه إليه.
فجاؤه ليلاً، من أعلى الدار وأسفلها، وأزعجوه، وكان نائماً، فخرج إلى الباب، فوجد مظفر الدين بن زين الدين مع بني الغراف، فقالوا له: إن المولى عز الدين قد أمرنا بالقبض عليك. فقال لهم: السمع والطاعة، فشأنكم وما أمرتم به، فأركبوه، وحملوه، والرجال محيطة به، وفتحوا باليل باب القلعة، واعتقلوه بها غير مضيق عليه.
وأحضره عز الدين، ووانسه، وقال: لم أفعل ما فعلت إلا لشدة رغبتي فيك، وافتقاري إلى مثلك، فعرفه ما ينطوي عليه، وأن ما نقل عنه لم يخطر بباله. فقال: إن وقيعة أعدائك فيك، لم تردك عندي إلا حظوة.
وبقي معتقلاً في القلعة أسبوعاً، ثم خلع عليه، وأطلقه وزاد في أقطاعه الأخترين.
وأقام عز الدين حتى انقضت مدة الشتاء، ثم تزوج أم الملك الصالح، في خامس شوال من السنة، ثم سيرها إلى الموصل، واستولى على جميع الخزائن التي