إحدى وعشرين، وفتح في سنة اثنتين حصن بني الأحمر، وحصن بني غناج، وغير ذلك من الحصون وخربها.
فراسله شبل الدولة ولاطفه إلى أن صالحه، وجعله سفيراً بينه وبين ملك الروم في طلب الهدنة، فاستقر أن يحمل نصر في كل سنة إلى ملك الروم دراهم خمسمائة ألف درهم، في نجمين من السنة، قيمتها ثمانية ألاف مثقال ذهب.
وأطلق الملك مقلد بن كامل بن مرداس رسول نصر، وأعطاه صليباً من ذهب مرصعاً أماناً لنصر، ووفاء بالشرط.
وسير شبل الدولة نصر شيخ الدولة أبا الحسن بن الأيسر إلى الظاهر بمصر، وحمل إليه هدية من جملة ما غنمه من الروم، من الثياب، والصياغات، والأواني، والألطاف الكثيرة. وقاد في صحبته نحو مائة وخمسين رأساً من الدواب، خيلاً وبغالاً ووقع فعله عندهم أحسن موقع. وقام أبو الحسن الجرجرائي بتمهيد أمره. وأقام ابن الأيسر إلى أن توفي الظاهر، فخلع المستنصر على ابن الأيسر، وسير معه خلعاً لنصر بن صالح، ولفبه مختص الأمراء، خاصة الأمامة، شمس الدولة ومجدها، ذو العزيمتين.
وفي أيام نصر اجتمع بجبل السماق قوم يعرفون بالدرزية منسوبون إلى رجل خياط أعجمي، وجاهروا بمذهبهم، وخربوا ما عندهم من المساجد، ودفعوا نبوة الأنبياء، وجحدوهم إلا الإمام الحاضر الذي يدعو إليه الدرزي،
وأحلوا نكاح المحارم، وتفاقم أمرهم، وتحصنوا في مغاير شاهقة على العاصي، وانضوى إليهم خلق من فلاحي حلب، وطمعوا بالاستيلاء على البلاد.