إنفاذه إلى دار السلام مبشراً بالفتح، وتلاحق عسكر الروم، فنزلوا على خلاط محاصرين لها، ونزل الملك على منازكرد فسلموها إليه بالأمان خوفاً
من معرة جيوشه إن استولوا عليهم، وذلك في يوم الثلاثاء رابع ذي القعدة، سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
فلما كان يوم الأربعاء سير أهل منازكرد، وخرج بنفسه ليشيعهم وهو في جموعه وحشوده ووافق ذلك وصول العسكر السلطاني، ووقعت العين في العين، فحمل المسلمون حملة رجل واحد، فردوهم على أعقابهم.
وشرع أهل منازكرد يتسللون من بينهم فقتل الروم بعضهم، ونجا الباقون، وترك الروم طريقهم الذي كانوا سالكيه، وعاد ملكهم فنزل في مضاربه بين خلاط ومنازكرد، وباتوا ليلتهم على أعظم قلق وأشده.
فلما أصبحوا بكرة الخميس وصل السلطان ألب أرسلان في بقية عساكره، فنزل على النهر، وملك الروم على موضع يعرف بالزهوة في مائتي آلف فارس، والسلطان في خمسة عشر ألف، فأرسل السلطان رسولاً حمله سؤالاً وضراعة، ومقصوده أن يكشف أمرهم، ويختبر حالهم ويقول لملك الروم:" إن كتت ترغب في الهدنة أتممناها، وإن كنت تزهد فيها وكلنا الأمر إلى الله عز وجل ".
فظن الزومي أنه إنما أرسله عن ضرورة فأبى واستكبر، وأجاب بأني سوف أجيب عن هذا الرأي بالري، فغاظ السلطان جوابه، وانقطعت المراسلة بينهما.
وأقام الفريقان يوم الخميس على تعبئة الصفوف، فقال أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري الحنفي فقيه السلطان وإمامه:" أنت تقاتل عن
دين الله الذي وعد بإظهاره على الأديان، فالقهم يوم الجمعة بعد الزوال، والناس يدعون لك على المنابر في أقطار الأرض ".
فلما أصبحوا يوم الجمعة ركب السلطان بجموعه وركبت الروم فتواقفوا، فلما