ويعاضده حتى يفتح أنطاكية، فأجابه إيلغازي إلى ذلك، وأخذ يده على ذلك.
فلما وقعت كسرة الكرج بدا له من ذلك، فأنفذ إلى ولده سليمان وكان خفيفاً، وقال له: أظهر أنك قد عصيت علي حتى يبطل ما بيني وبين دبيس. فحمله الجهل على أن عصى ونابذ أباه، ووافقه مكي بن قرناص والحاجب ناصر، وهو شحنة حلب وغيرها.
وقبض سليمان حجاب أبيه فصفعهم وحلق لحاهم، ومد يده إلى أموال الناس وظلمهم، فطمع الفرنج وقربهم سليمان، فنزلوا زردنا وعمروها لابن صاحبها كليام بن الأبرص.
ثم سار الفرنج إلى باب حلب، فكبسوا في طريقهم حاضر طيء وغيرها، فخرج إليهم الحاجب ناصر والعسكر فكسروهم وقتلوا منهم جماعة.
وخرج بغدوين في جمادى الآخرة، فنازل خناصرة، وأخذها وخربها، وحمل باب حصنها إلى أنطاكية، ونزل برج سينا ففعل به كذلك، وكذلك فعل بغيرهما من حصون النقرة والأحمق، وسبى وأحرق ونهب.
وعاد فنزل صلدع على نهر قويق، وخرج إليه اتزر بن ترك طالباً منه الصلح مع سليمان، فقال: على شرط أن يعطيني سليمان الأثارب حتى أحفظه، وأنا أذب عنه وأقاتل دونه. فقال له: " ما يجوز أن نسلم ثغراً من ثغور حلب في بدو مملكته، بل التمس غير هذا مما يمكن ليوافقك عليه فقال له: الأثارب لا يقدر صاحب حلب على حفظها، فإني قد عمرت عليها الحصون بما دارت، وأنا أعلمكم أنها اليوم تشبه فرساً لفارس قد عطبت يداها، وللفارس هري شعير يعلفها رجاء أن تبرأ ويكسب عليها، فنفد هري الشعير، وعطبت الفرس، وفاته الكسب. ثم رحل نحوها، فحصرها ثلاثة أيام، واتصل به ما أوجب رحيله إلى أنطاكية.
ولما بلغ إيلغازي إصرار ولده على العصيان ضاقت عليه الأرض، وأعمل في الوصول إليه وأخذ حلب منه، فكاتبه أقوام وعرفوه أن ما بحلب من يدفعه عنها، فسار حتى وصل إلى قلعة جعبر فضعفت نفس ابنه سليمان