إلى الرحبة، وكاتب أتابك طغتكين صاحب دمشق، وصمصام الدين خيرخان بن قراجا صاحب حمص.
ورحل إلى بالس، وسار منها إلى حلب فوصلها يوم الخميس لثمان بقين من ذي الحجة من سنة ثماني عشرة.
ولما قرب من حلب رحل دبيس ناشراً أعلامه البيض إلى الفرنج عند قرية من حلب، وتحولوا إلى جبل جوشن كلهم. وخرج الحلبيون إلى خيامهم فنهبوها ونالوا منها ما أرادوا.
وخرج أهل حلب والتقوا قسيم الدولة عند وصوله. وسار نحو الفرنج فانهزموا بين يديه من جبل جوشن، وهو يسير وراءهم على مهل حتى أبعدوا عن البلد.
فأرسل الشالشية، وأمرهم أن يردوا العسكر، فجعل القاضي ابن الخشاب يقول له: يا مولانا لو ساق العسكر خلفهم أخذناهم، فإنهم منهزمون والعسكر محيطة بهم. فقال له: يا قاضي تعلم أن في بلدكم ما يقوم بكم وبعسكري لو قدر علينا والعياذ بالله كسرة؟ فقال: لا. فقال: ما يؤمننا أن يرجعوا علينا ويكسرونا، ويهلك المسلمون، ولكن قد كفى الله شرهم وندخل إلى البلد ونقويه وننظر في مصالحه، ونجمع لهم إن شاء الله، ونخرج إليهم بعد ذلك.
ورجع ودخل البلد وتسلم قلعتها، ونظر في مصالح البلد وقواه، وأزال الظلم والمكوس وعدل فيهم عدلاً شاملاً وأحسن إليهم إحساناً كاملاً.
وكتب لأهل حلب توقيعاً بإطلاق المظالم والمكوس، نسخته موجودة، بعدما كان الحلبيون منوا به من الطلم والمصادرة من عبد الكريم والي القلعة، وعمر الخاص والي البلد، وتسليطهما الجند والأتراك على مصادرة الناس بحيث أنهم استصفوا أموال جماعة من الأكابر والصدور وغيرهم في حالة الحصار.