ألف راجل، ومعهم من الكراع والسلاح ما لا يحصيه إلا الله، فنزلوا الرابية المشرفة على بلدة شيزر، وأقاموا يومهم ويوم الجمعة إلى آخر النهار.
وركبوا وهجموا البلد، فقاتلهم الناس وجرح أبو المرهف نصر بن منقذ، ومات في رمضان من جرحه ذلك.
ثم انهزم الروم، وخرجوا، ونزل صاحب أنطاكية في مسجد سمون، وجوسلين في المصلى، وركب الملك يوم السبت، وطلع إلى الجبل المقابل لقلعة شيزر المعروف بجريجس، ونصب على القلعة ثمانية عشر منجنيقاً وأربع لعب تمنع الناس من الماء.
ودام القتال عشرة أيام، ولقي أهل قلعة شيزر بلاء عظيماً، ثم اقتصروا في القتال على المجانيق، وأقاموا إلى يوم السبت تاسع شهر رمضان.
وبلغهم أن قرا أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق عبر الفرات في جموع عظيمة تزيد عن خمسين ألفاً من التركمان وغيرهم، فأحرقوا آلات الحصار، ورحلوا عن شيزر، وتركوا مجانيق عظاماً رفعها أتابك إلى قلعة حلب بعد رحيلهم، وساروا بعد أن هجموا ربض شيزر دفعات عدة، ويخرجهم المسلمون منها.
فوصل صلاح الدين من حماة يوم السبت تاسع الشهر، وبلغه أن الفرنج هربوا من كفر طاب فسار إليها، وملكها، ووصل أتابك يوم الأحد عاشر الشهر، وسار إلى الجسر يوم الإثنين، فوجد الفرنج قد هربوا منه نصف الليل ونزل أهله من أبي قبيس، فمنعوهم ودخل الروم مضيق أفامية إلى أنطاكية، وطلبها من الفرنج فلم يعطوه إياها، فرحل عنها إلى بلاده، وسير أتابك خلفهم سرية من العسكر تتخطفهم. هذا كله وأتابك لم يستحضر قرا أرسلان بن داود، ولم يجتمع به، بل بعث إليه يأمره بالعود إلى أبيه، وأنه مستغن عنه وانحاز عنهم فنزل أرض حمص، وكتب إلى شهاب الدين محمود بن بوري يطلبها.
وترددت الرسل بينهم على أن يسلم إلى أتابك حمص، ويعوض أنر واليها