وولد للسلطان الملك الظاهر ولده الملك العزيز، من ابنة عمه الخاتون ضيفة خاتون،، في يوم الخميس خامس ذي الحجة من سنة عشر وستمائة فضربت البشائر، وزينت مدينة حلب، وعقدت القباب.
وفي اليوم السابع عشر، من ميلاده، ختن السلطان أخاه الملك الصالح، واحتفل بختانه، ونصب الزورق، من قلعة حلب إلى المدينة، ونزل فيه الرجال، وعملوا من الآلات والتماثيل التي ركبوها، حالة النرول أنواعاً وطهر أولاد الأكابر من أهل المدينة، وشرفهم، وخلع عليهم.
فجدد السلطان الملك الظاهر باشورة حلب، من باب الجنان إلى برج الثعابين، وبنى لها سوراً قوياً ظاهراً عن السور العتيق، وجدد فيه أبرجة كالقلاع، وعزم على أن يفتتح بالقرب من برج الثعابين باباً للمدينة، ويسميه باب الفراديس، وكان يباشر الإشراف على العمارة بنفسه.
وأمر قي هذه السنة بتجديد ربض الظاهرية، خارج باب قنسرين، فيما بينه وبين النهر، فنسب إليه لذلك، وخربت الياروقية، وانتقل معظم أهلها إليه.
ووثب الإسماعيلية على ابن الإبرنس، بكنيسة انطرسوس، فقتلوه، فجمع البرنس جموع الفرنج، ونزل على حصونهم، وقتل وسبى، وحصر حصن الخوابي فكتبوا إلى السلطان، يستغيثون به، ويستنجدونه، فاستخدم السلطان مائتي راجل. وسير جماعة من عسكر حلب، يحفظونه، ليدخلوا إلى حصن الخوابي، ويمنعوا الفرنج من الاستيلاء عليه.
وجرد عسكراً من حلب، مع سيف الدين بن علم الدين، ليشغل الفرنج من جهة اللاذقية ليتمكن الرجالة من الدخول إلى الحصن. فلما سمع الفرنج بذلك، كمنوا كميناً للرجالة والخيالة، الذين يحفظونهم، فأسروا الرجالة، وقتلوهم، وقبضوا ثلاثين من الخيالة، وذلك في حادي عشر شهر رجب.
فعند ذلك خرج الملك المعظم ابن العادل، من دمشق، بعسكره، ودخل غائراً في بلد طرابلس، فلم يترك في بلدها قرية إلا نهبها، وخربها، واستاق الغنائم والأسرى، فرحلوا عن الخوابي، وأطلقوا الأسرى الدين أسروهم من أصحاب السلطان الملك الظاهر،، وراسلوه، معتذرين، متلطفين، وافترقوا عن غير زبدة حصلت لهم.