وسار الفرنج إلى دمياط، ونزلوا عليها، وبينها وبينهم التيل، والملك الكامل في مقابلتهم، واستدعى الملك العادل ابنه الملك الأشرف، فسار في عسكره إلى حمص، ودخل بلاد الفرنج، ليشغلهم عن محاصرة دمياط.
فدخل إلى صافيتا، فخربوا ربضها، ونهبوا رستاقها، وهدموا ما حولها من الحصون، ودخلوا إلى ربض حصن الأكراد، فنهبوه، وحاصروا القلعة، حتى أشرفت على الأخذ، والملك العادل مقيم في عالقين.
وتحرك ملك الروم كيكاوس، ومعه الملك الأفضل، طالباً أن يملك حلب، ويطمع الأفضل أن يأخذها له، ليرغب الأمراء في تمليكه عليهم، وكاتب جماعة من الأمراء، وكتب لهم التواقيع، ومن جملة من كاتبه علم الدين قيصر. وكتب له توقيعاً بأبلستان.
واغتنما شغل قلب الملك العادل بالفرنج، ووافقهما الملك الصالح صاحب آمد وكان كيكاوس يريد الملك لنفسه، ويجعل الأفضل ذريعة لتوصل إليه، وكاتبه أمراء حلب الذين كانوا يميلون إلى الأفضل. فجمع العساكر، واحتشد، واستصحب المناجيق، وسار في شهر ربيع الأول، فنزل رعبان وحصرها، وفتحها.
فسير الأتابك شهاب الدين زين الدين بن الأستاذ رسولاً إلى الملك العادل، يستصرخه على الرومي، والأفضل. فكتب إلى ولده الملك الأشرف، يأمره بالرحيل إلى إنجاد حلب بالعساكر، وسير إليه خزانة، وجعل الملك المجاهد صاحب حمص في مقابلة الفرنج.
وسار الملك الأشرف، حتى نزل حلب بالميدان الأخضر. وخرج الأمراء إلى خدمته، واستحلفهم، وخلع عليهم، وأتاه مانع أمير العرب بجموعه المتوافرة، وعاث العرب في بلد حلب، والملك الأشرف يداريهم لحاجته إليهم.