وكان عماد الدين بن سيف الدين علي المشطوب، لما نفي من الديار المصرية، قد وصل إلى حماة، وأقام عند صاحبها، وكاتب الملك الأفضل، وجمع جموعاً كثيرة من الأكراد، وأرباب الفساد، وساعده الملك المنصور صاحب حماة بالمال والرجال على ذلك وعزم على أن يمضي، بمن جمعه من العساكر إلى الأفضل، وأن يقوم معه، ويساعده صاحب حماة، وسلطان الروم.
ثم سار ابن المشطوب، بغتة، وخاض بلد حلب، وكان الزمن زمن الربيع، وخيول الأجناد متفرقة في الربيع، فوصل إلى قنسرين ونفذ منها إلى تل أعون، وبلغ الساجور، واستاق في طريقه ما وجد من الخيل، وغيره.
وبلغ خبره إلى الملك الأشرف، فأركب من كان بحضرته من العساكر، خلفه، وكان فيهم ابن عماد الدين صاحب قرقيسيا، فلحقوه على الساجور، وفي صحبته نجم الدين بن أبي عصرون، فقبضوا عليه وأتوا به إلى الملك الأشرف، فعفا عنه، وعن ابن أبي عصرون، وأقطع ابن المشطوب رأس عين وأقام عنده مخيماً بالياروقية، إلى أن دخل شعبان، من السنة المذكورة.
وسار الملك الأشرف، إلى بلاده الشرقية، لإصلاح أمر الموصل، وكان صاحب إربل وزنكي، قد كسرا لؤلؤ وأيبك الأشرفي، على الموصل. فنزل الملك الأشرف على حران، وفي صحبته عسكر حلب.
ومات كيكاوس ملك الروم، وملك بعده أخوه كيقباذ، فراسل الملك ألأشرف، واتفق معه.
وخربت القدس في أوائل هذه السنة.
وخرج إلى الفرنج المنازلين دمياط نجدة من البحر، ووقع الوباء في أهل دمياط، وضعفوا عن حفظها، فهجمها الفرنج على غفلة من أهلها، في عاشر شهر رمضان، والملك الكامل، مرابط حولها بالعساكر، وابتنى مدينة سماها المنصورة، أقام فيها في مقابلة الفرنج.