فقال لهم: مبارك، أنتم قد اتفقتم، فما تطلبون من يميني، احلفوا أنتم أيضاً لي: أن لا تقصدوا بلادي، ولا تتعرضوا لشيء مما في يدي وأنا أوافقكم على ما تطلبون.
ونزل رسوله، ومرض الملك الأشرف، واشتغل بمرضه، وطال إلى أن مات على ما نذكره.
ومما تجدد في حلب، في سنة أربع وثلاثين وستمائة: أن شهاب الدين صاحب شيزر، وكمال الدين عمر بن العجمي، اتفقا، على أن سيرا من جهتهما رجلاً، يقال له العز بن الأطفاني إلى دمشق إلى الملك الأشرف، وحدثاه في أن يقصد حلب، وأنهما يساعدانة بأموالهما.
وأوهمه صاحب شيزر أن معظم الأمراء بحلب، يوافقونه على ذلك، وأوهمه ابن العجمي أن أقاربه، وجماعة كبيرة من الحلبيين، يتابعونه، ويشايعونه، ويوافقونه، على ذلك، واشترط على الملك الأشرف، أن يوليه قضاء حلب.
فمضى رسولهما إلى الملك الأشرف، واجتمع ببعض خواصه، وذكر له الأمر الذي جاء فيه، فلم يحضره إليه، وأجابهما بأنه: لا تتصور أن يبدر مني غدر، ولا قبيح في حق أحد من ذرية الملك الظاهر.
وأخبرني فلك الدين بن المسيري أنه هو الذي كان المتكلم بين الملك الأشرف، وبين رسولهما.
ونمي هذا الخبر إلى الملكة، والأمراء، فسيروا من يوقف الرسول واتفق وصوله إلى حلب فقبض في باب العراق وأصعد إلى القلعة، وسئل عن ذلك، فأخبرهم بالحديث على فضه، فحبس الرسول، وحلقت لحيته، وسير إلى دربساك وحبس بها.
وأصعد ابن العجمي، وصاحب شيزر، واعتقلا بالقلعة، وأخذت أموال صاحب شيزر جميعها، ولم يتعرض لأموال ابن العجمي، تطييباً لقلوب أهله. وداما في الاعتقال، من جمادى، من سنة أربع وثلاثين إلى أن مات الملك الكامل، في سنة خمس وثلاثين وستمائة، وأطلقا.