للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فضربها دنانير ودراهم يزول ملك مالكها عنها عند أبي حنيفة؛ لما روي: أن قومًا من الأنصار أضافوا رسول الله - عليه السلام -، فقدموا له شاة مصلية فأخذ منها لقمة، فمضغها، فلم يسغها، فقال - عليه السلام -: "أما أن هذه الشاة لتخبرني أنها ذبحت بغير حق" (١)، فقال الرجل: هذه شاة أخي، وسأرضيه بخير منها، فأمر النبي - عليه السلام - بأن يتصدق بها على الأسارى، ولو كان ذلك ملكًا لصاحبها لأمر ببيعها، وحفظ ثمنها عليه، ولأن الغاصب أزال الاسم في عامة المنافع المباحة من العين بفعل من جهته، فوجب أن يزول ملك صاحبها عنها، كما لو خلط دهنًا طيبًا بزيت بذر، وهذا بخلاف الذهب والفضة؛ لأن اسمهما باقي، والصناعة فيها لا يخرجها من حكمه بدليل بقاء المنفعة، وحكم الربا والزكاة، فصار كمن قبل الضرب، وههنا بخلافه على ما ذكرنا، أي: ذبح المأ كول، فالذبح لا ينحصر في الشاة، وإنما خص الشاة باعتبار العرف أن ذبح الشاة أكثر عرفًا.

قوله: (ضمن نقصانه)، أطلق النقصان، وفي النقصان وجوه [أربعة] (٢) لا يضمن بالنقصان بسبب تراجع السعر، ويضمن بالنقصان؛ لفوات الجزء بأن قطع يده أو رجله، ونقصان بفوات الوصف بأن ذهب سمعه أو بصره،


(١) الطبراني، المعجم الأوسط، مصدر سابق، باب الألف، من اسمه أحمد، رقم الحديث: ١٦٠٢، ج ٢، ص ١٦٨. ونصه: عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَارَ قَوْمًا مِنَ الْأَنْصَارِ فِي دَرَاهِمْ، فَذَبَحُوا لَهُ شَاةً، وَصَنَعُوا لَهُ مِنْهَا طَعَامًا، فَأَخَذَ مِنَ اللَّحْمِ شَيْئًا لِيَأْكُلَهُ، فَمَضَغَهُ سَاعَةً لَا يُسِيغُهُ، فَقَالَ: "مَا شَأنُ هَذَا اللَّحْمِ؟ " فَقَالُوا: شَاةٌ لِفُلَانٍ، ذَبَحْنَاهَا حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهَا، فَنُرْضِيهِ مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى".
(٢) ما بين المعقوفين في (ب) "أربع".

<<  <  ج: ص:  >  >>