للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيمَا يتَنَاوَلُهُ قَطْعًا كَالخَّاصِّ وَكَذَلِكَ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ سَوَاءٌ لِأَّنَّ المَتْنَ مِنَ الكِتَابِ مُتَيَقَّنٌ بِهِ وَمَتْنُ الحَدِيثِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ شُبْهَةٍ لاحْتِمَالِ النَّقْلِ بِالمَعْنَى. ثمَّ قَوَامُ المَعْنى بِالمَتْنِ فَإِنَّمَا يَشْتَغِلُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ حَيْثُ المَتْنِ أَوَّلاً إِلَى أَنْ يَجِيءَ إِلَى المَعْنَى وَلَا شَكَّ أَّنَّ الكِتَابَ يَتَرَجَّحُ بِاعْتِبَارِ النَّقْلِ المُتَوَاتِرِ فِي المَتْنِ عَلَى خَبَرِ الوَاحِدِ فَكَانَتْ مُخَالفَةَ الخَبَرِ لِلْكِتَابِ دَلِيلاً ظَاهِرًا عَلَى الزَّيَافَةِ فِيهِ» (١). ثم ذكر السرخسي أن الأحناف بناءً على هذا الأصل رَدُّوا أحاديث مس الذكر، وحديث فاطمة بنت قيس، وخبر القضاء بالشاهد واليمين.

ثم يقول السرخسي مؤكدًا أهمية عرض الحديث على القرآن والسنة المشهورة، مُثْنِيًا على طريقة أئمة الأحناف في هذا الصدد: «فَفِي هذَيْن النَّوْعَيْنِ مِنَ الانْتِقَادِ لِلْحَدِيثِ عِلْمٌ كَثِيرٌ، وَصِيَانَةٌ لِلْدِّينِ بَلِيغَةٌ، فَإِنَّ أَصْلَ البِدَعِ وَالأَهْوَاءِ إِنَّمَا ظَهَرَ مِنْ قَبْلِ تَرْكِ عَرْضَ أَخْبَارِ الآحَادِ عَلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ المَشْهُورَةِ فَإِنَّ قَوْمًا جَعَلُوهَا أَصْلاً مَعَ الشُّبْهَة فِي اتِّصَالِهَا بِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، وَمَعَ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ عِلْمَ اليَقِين، ثُمَّ تَأَوَّلُوا عَلَيْهَا الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ فَجَعَلُوا التَّبَعَ مَتْبُوعًا، وَجَعَلُوا الأَسَاسَ مَا هُوَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِهِ فَوَقَعُوا فِي الأَهْوَاءِ وَالبِدَعِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَنْكَرَ خَبَرَ الوَاحِدِ» إلى أن قال: «وَإِنَّمَا سَوَاءُ السَّبِيلِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ - مِنْ إِنْزَالِ كُلِّ حُجَّةٍ مَنْزِلَتَهَا فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ المَشْهُورَةَ أَصْلاً ثمَّ خَرَجُوا عَلَيْهِمَا مَا فِيهِ بَعْضَ الشُّبْهَةِ وَهُوَ المَرْوِيُّ بِطَرِيقِ الآحَادِ مِمَّا لَمْ يَشْتَهرْ فَمَا كَانَ مِنْهُ مُوَافِقًا لِلْمَشْهُورِ قَبِلُوهُ وَمَا لَمْ يَجِدُوا فِي الكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ المَشْهُورَةِ لَهُ ذِكْرًا قَبِلُوهُ أَيْضًا وَأَوْجَبُوا العَمَلَ بِهِ وَمَا كَانَ مُخَالِفًا لَهُمَا رَدُّوهُ» (٢).


(١) " أصول السرخسي ": ١/ ٣٦٤، ٣٦٥.
(٢) " أصول السرخسي ": ١/ ٣٦٧، ٣٦٨.

<<  <   >  >>