للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا» (١).

وقد ذهب المحدثون إلى أن السنة قد تأتي بأحكام لا توجد في القرآن، إذ كل منهما أصل تفترض طاعته، ولا مانع من أن تأتي في أحدهما ما لم يأت في الآخر، فقد ترك الكتاب موضعًا للسنة، وتركت السنة موضعًا للكتاب، فما كان من السنة زائدًا على ما في القرآن فهو تشريع مبتدأ من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تجب طاعته فيه ولا تحل معصيته «وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَلاَّهُ مَنْصِبَ التَّشْرِيعِ عَنْهُ ابْتِدَاءً، كَمَا وَلاَّهُ مَنْصِبَ البَيَانِ لِمَا أَرَادَهُ بِكَلاَمِهِ» (٢). وليس هذا تقديمًا لها على الكتاب، بل امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله. ولو كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يطاع في هذا القسم لم يكن لطاعته معنى، وسقطت طاعته المختصة به. «بَلْ أَحْكَامُ السُّنَّةِ التِي لَيْسَتْ فِي القُرْآنِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْهَا. فَلَوْ سَاغَ لَنَا رَدُّ كُلِّ سُنَّةٍ زَائِدَةٍ كَانَتْ عَلَى نَصِّ القُرْآنِ لَبَطَلَتْ سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهَا إلاَّ سُنَّةً دَلَّ عَلَيْهَا القُرْآنُ» (٣).

واستدل المحدثون على رأيهم في جواز وُرُودِ السُّنَّةِ بِالزِّيَادَةِ، ووقوعها فعلاً ووجوب قبولها بما يأتي:

[أ] بالآيات القرآنية التي أوجبت طاعة الرسول وحذرت من مخالفة أمره. وقد حشد الإمام أحمد كثيرًا من الآيات في مقدمة كتابه، الذي رد فيه على من عارض السنن بظاهر القرآن. وقد ذكر ابن القيم طرفًا منه في " إعلام الموقعين " (٤). فمن هذه الآيات قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا


(١) " سنن أبي داود ": ٢/ ١٢٧، ١٢٨ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
(٢) " إعلام الموقعين ": ٢/ ٣٨٤.
(٣) " إعلام الموقعين ": ٢/ ٣٨١.
(٤) انظر " إعلام الموقعين ": ٢/ ٣٦٧، ٣٧٠.

<<  <   >  >>