للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاحتمالات، فإذا عمل المكلف على وفق البيان، أطاع الله فيما أراد بكلامه، وأطاع الله في مقتضى بيانه، ولو عمل على مخالفة البيان عصى الله تعالى، إذا صار عمله على خلاف ما أراد بكلامه، وعصى رسوله في مقتضى بيانه، فزيادة السنة هنا هي كزيادة الشرح على المشروح.

أما الأحاديث التي استدل بها المحدثون فإنها لا تتناول موضوع الخلاف، لأنها إنما جاءت فيمن يطرح السنة، معتمدًا على رأيه في فهم القرآن، ولم نقل بهذا.

وأما قولهم إن الاستقراء قد دل على أن هناك سُنَنًا كثيرة أثبتت أحكامًا زائدة على ما في القرآن - فقد أمكن رد هذه الأحكام إلى أصولها في الكتاب، لأنها إما تفريع للكتاب وبيان لما فيه، بتفصيل مجمله أو تقييد مطلقه أو تخصيص عامه، فإن جاءت بغير ذلك فالمقصود منها إما إلحاق فرع بأصله الذي خفي إلحاقه به، وإما إلحاقه بأحد أصلين واضحين يتجاذبانه:

فمن الأول ما ورد في السنة من تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فإنه في الحقيقة قياس على ما نص [عليه من] تحريم الجمع بين الأختين، ولذلك تعرض الحديث لبيان المصلحة المترتبة على الحكم، إذ قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ، قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ».

ومن الثاني أن الله تعالى أحل الطيبات وحرم الخبائث، فمن الأشياء ما اتضح إلحاقه بأحد الأصلين، ومنها ما اشتبه، كالحمر الأهلية وذي الناب والمخلب، فنصت السنة على ما يرفع الشبهة، ويرجح أحد الجانبين المشتبهين، بالنهي عن أكل الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي

<<  <   >  >>