للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخلب من الطير وإباحة أكل الضب والأرنب وما شابههما (١).

وإذا نظرنا إلى هذا الخلاف حول وُرُودِ السُّنَّةِ بحكم زائد على القرآن، وجدناه لا يخلو من أن يكون حول مهمة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومدى سلطته في التشريع، أو أن يكون حول السنة باعتبارها مجموعة من الأخبار المروية.

فإن كان الخلاف حول مهمة الرسول، وهل من سلطته أن يأتي بحكم زائد على ما في القرآن - فإنه حينئذٍ خلاف نظري لفظي، لا يترتب عليه شيء عملي، إذ أن الإجابة على ما سبق سواء أكانت بالإيجاب أم بالنفي، فإنها تلتقي حول وجوب الأخذ بما قاله الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفرض طاعته فيه. ولا يضير بعد ذلك أن يقال إن ما قرره الرسول ليس له أصل في القرآن فإن النتيجة واحدة هي وجوب الأخذ والطاعة. ولنضرب لهذا مثلاً من تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها: فالقائل بأنه تشريع مبتدأ ليس في القرآن يأخذ به، لأن للرسول حق التشريع المبتدأ، وطاعته فيه واجبة، والقائل بأن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يأتي بما ليس في القرآن، يأخذ هو أيضًا بهذا التحريم، لأن الرسول ألحق أحدهما بأصل في القرآن، وطاعة الرسول في ذلك واجبة.

ولكن هذا الخلاف يتجاوز حدود اللفظ إن كان موضوعه السنة المروية لنا، حيث تعتبر الزيادة على القرآن حينئذٍ - عند من يقول بها - من طرق نقد متن الحديث فَيَرُدُّ بها خبر الآحاد، وهذه المسألة هي المشهور عند الأحناف بمسألة الزيادة على النص، ويعنون بها تقييد المطلق (٢)،


(١) " أصول التشريع " للأستاذ علي حسب الله: ص ٣٧، ٣٨؛ وانظر " الموافقات " للشاطبي: ٤/ ١٤، ٢٦ طبع تونس.
(٢) انظر " التقرير والتحبير ": ٢/ ٢١٨، ٢١٩. والمطلق هو ما دل على فرد شائع غير مقيد لفظًا بأي قيد، كحيوان وطائر، والتقييد هو أن يتبع الخاص بلفظ يقلل شيوعه.

<<  <   >  >>