للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يجوز عندهم تقييد مطلق الكتاب بخبر الآحاد. وقد نصحهم السِّنْدِيُّ بأن يبحثوا عن اسم آخر لهذه المسألة غير الزيادة على النص، لأنها حينئذٍ - من حيث الصورة - تدخل في نطاق ذم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن يترك مقتصرًا على ظاهر الكتاب، وذلك في تعليقه على حديث [ابن] بريدة السابق حيث قال: «وَقَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الأُصُولِ: لاَ يَجُوزُ [الزِّيَادَةُ] عَلَى الكِتَابِ [بِخَبَرٍ] فِي الصُّورَةِ، أَشْبَهُ شَيْءٍ بِهَذَا المَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ لاَ يَجُوزُ تَقْيِيدُ إِطْلاَقِ الكِتَابِ بِخَبَرِ الآحَادِ فَالاِحْتِرَازُ عَنْ إِطْلاَقِ ذَلِكَ اللَّفْظِ أَحْسَنُ وَأَوْلَى» (١).

والأحناف يقسمون السنن التي أتت بزيادة على ما في القرآن ثلاثة أقسام:

أ - أن تكون الزيادة التي أتت بها السنة من قبيل البيان للقرآن.

ب - أن تكون الزيادة التي أتت بها السنة منشئة لحكم لم يتعرض له القرآن.

وهذان القسمان لا نزاع فيهما، بل هما حُجَّةٌ باتفاق.

ج - أن تكون السنة مغيرة لحكم تعرض له القرآن. وهذا هو محل النزاع.

وقد ذهب أبو الحسن الكرخي، وجماعة كثيرة من أصحاب أبي حنيفة إلى أن الزيادة المغيرة نسخ وهو المُسَمَّى عندهم بالنسخ بالزيادة، كزيادة جزء في الواجب، مثل التغريب في حد الزنا، أو زيادة شرط بعد إطلاق الواجب عنه، كاشتراط الإيمان في رقبة اليمين (٢). ويحث


(١) " سنن ابن ماجه بحاشية السندي ": ١/ ٦.
(٢) انظر " إعلام الموقعين ": ٢/ ٣٨٠ وما بعدها؛ و" فواتح الرحموت ": ٢/ ٩١، وفيه أن الشافعي والحنابلة وأكثر المعتزلة لا يعتبرون الزيادة نسخًا، وأن عبد الجبار من المعتزلة قال: «إِنْ غَيَّرَتْ الزِّيَادَةُ أَصْلَ المَزِيدِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَ كَمَا كَانَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهُ فَهُوَ نَسْخٌ، وَإِلَّا فَلَا»، واختار إمام الحرمين والرازي والآمدي - وكلهم شافعية - أن الزيادة إن رفعت حُكْمًا شرعيًا فنسخ، وإلا فلا.

<<  <   >  >>