للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت الزيادة نسخًا، فيجب أن تكون سنة: متواترة أو مشهورة، إذ لا يجوز نسخ الكتاب بخبر الآحاد.

أما أبو بكر الرازي الجصاص، فقد فرق بين الزيادة المقارنة للنص والمتأخرة عنه، فإن وردت الزيادة بعد استقرار حكم النص منفردة عنه كانت ناسخة، وإن وردت متصلة بالنص قبل استقرار حكمه لم تكن ناسخة وإن وردت ولا يعلم تاريخها، فإن كانت متواترة أو مشهورة، وشهدت الأصول من عمل السلف أو النظر على ثبوتهما مَعًا - أثبتناهما، وإن شهدت الأصول بالنص منفردًا عنها أثبتناه دونها، وإن لم يكن في الأصول دلالة على أحدهما فالواجب أن يحكم بورودهما مَعًا، ويكونان بمنزلة الخاص والعام إذا لم يعلم تاريخهما، ولم يكن في الأصول دلالة على وجوب القضاء بأحدهما على الآخر، فإنهما يستعملان معًا.

أما إن جاءت الزيادة من جهة أخبار الآحاد، فلا يجوز إلحاقها بالنص الثابت بالكتاب ولا العمل بها.

وإنما لم يقبل خبر الواحد بالزيادة على النص، لأن الزيادة لو كانت موجودة معه لنقلها إلينا من نقل النص، إذ غير جائز أن يكون المراد إثبات النص معقودًا بالزيادة، فيتقتصر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على إبلاغ النص منفردًا عنها، فواجب إذن أن يذكرها معه، ولو ذكرها لنقلها إلينا من نقل النص. فإن كان النص مذكورًا في القرآن، والزيادة واردة من جهة السنة، فغير جائز أن يقتصر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على تلاوة الحكم المنزل في القرآن دون أن يعقبها بذكر الزيادة، لأن حصول الفراغ من النص الذي يمكننا استعماله بنفسه يلزمنا اعتقاد مقتضاه من حكمه، ومثلوا لذلك بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، فإن كان الحد هو الجلد والتغريب فغير جائز أن يتلو النبي

<<  <   >  >>