للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَوْسَطِهِ كَطَرَفَيْهِ وَذَلِكَ نَحْوَ نَقْلِ أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ وَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ وَمَقَادِيرِ الزَّكَاةِ وَالدِّيَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكِ» (١).

والمتواتر يفيد العلم، خلافًا لِلْسُّمَنِيَّةِ الذين حصروا العلوم في الحواس وحصرهم باطل (٢).

والجمهور على أن العلم الحاصل بالتواتر ضروري أي لا يحتاج إلى نظر وكسب، وذهب إمام الحرمين وأبو الحسين البصري وغيرهم إلى أنه نظري.

وهناك اختلاف في أقل عدد يفضي إلى العلم في المتواتر. والصحيح هو ما قرره الغزالي حين قال: «أَقَلُّ عَدَدٍ يُورِثُ العِلْمَ لَيْسَ مَعْلُومًا لَنَا، لَكِنَّا بِحُصُولِ العِلْمِ الضَّرُورِيِّ نَتَبَيَّنُ كَمَالَ العَدَدِ لَا أَنَّا بِكَمَالِ العَدَدِ نَسْتَدِلُّ عَلَى حُصُولِ العِلْمِ» (٣).

ولذلك هاجم الغزالي فكرة تحديد العدد، كما هاجمها أيضًا ابن حزم وأجاز أن يحصل العلم الضروري بخبر اثنين فأكثر، حتى خبر الواحد قد يصبح العلم بصحته ضروريًا، إلا أن ضروريته ليست بمطردة ولا في كل وقت ولكن على قد ما يتهيأ (٤).


(١) " أصول السرخسي ": ١/ ٢٨٢، ٢٨٣.
(٢) عَرَّفَ أَبُو الحُسَيْنِ البَصْرِيِّ «العِلْمَ بِأَنَّهُ الاِعْتِقَادُ المُقْتَضِي لِسُكُونِ النَّفْسِ إِلَى أَنَّ مُعْتَقَدَهُ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ عَلَيْهِ» (" المعتمد ": ١/ ١٠)، وَعَرَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنَّهُ تَيَقُّنُ الشَيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ: إِمَّا عَنْ بُرْهَانٍ مُوصِلٍ إِلَى تَيَقُّنِهِ وَإِمَّا اتِّبَاعٌ لِمَنْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ، فَوَافَقَ فِيهِ الحَقَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ ضَرُورَةٍ وَلَا عَنْ اسْتِدْلَالٍ (" الإحكام ": ١/ ٣٦، ٣٧).
وَالسُّمَنِيَّةِ - بضم السين وفتح الميم - فرقة من الهند ينكرون النبوة، ويعبدون صنمًا اسمه (سُومَنَاتْ)، وقد كسره السلطان محمود بن سبكتكين. انظر مناقشة الغزالي لهم في " المستصفى ": ١/ ١٢٢، ١٤٠؛ ثم انظر " شرح المنهاج " للإسنوي: ٢/ ٧٩؛ و" فواتح الرحموت ": ٢/ ١١٣.
(٣) " المستصفى ": ١/ ١٣٥.
(٤) " الإحكام "، لابن حزم: ١/ ١٠٤، ١٠٧، ١٠٨.

<<  <   >  >>