إلا أن احتمال الواسطة بعيد، والظاهر هو المشافهة، وعلى فرض أن هناك واسطة، فإن الصحابي المسكوت عنه عدل، باعتبار أن الصحابة كلهم عدول فلا يضر عدم ذكره. وقد نقلت إلينا جل الأخبار بهذه الصيغة فلم يفهم منها إلا السماع.
٢ - ثم يأتي في الدرجة الثالثة قول الصحابي:«أَمَرَ رَسُولُ اللهِ بِكَذَا» أَوْ «نَهَى عَنْ كَذَا»، وهذه الصيغة فوق احتمالها التوسط الذي ذكر في سابقتها - تحتمل أيضًا اعتقاد الصحابي ما ليس بأمر أو نهي أمرًا أو نهيًا، كما أنه ليس فيها ما يدل على أنه أمر الكل أو البعض، وعلى جهة الدوام أو التوقيت بوقت معين.
ولما فيه من هذه الاحتمالات ذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه لا حجة فيه، ما لم ينقل لفظ الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفسه.
لكن الأكثرين ذهبوا إلى حجية هذه الصيغة، لأن الظاهر أن الراوي لا يطلقها إلا إذا تيقن المراد.
وهذه الدرجات الثلاث يتفق الأحناف مع المحدثين وجمهور الفقهاء في الأخذ بها.
لكن الذي فيه الخلاف بين المحدثين والأحناف هو قول الصحابي:«أُمِرْنَا بِكَذَا» أَوْ «نُهِينَا عَنْ كَذَا» - بصيغة المجهول - أو قول الصحابي:«السُنَّةُ كَذَا»، فقد ذهب الأحناف إلى أن قول الصحابي ذلك لا يعتبر حديثًا مرفوعًا إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا يكون حجة، لأن هذه الصيغة تحتمل - زيادة على الاحتمالات السابقة - أن يكون الآمر أو الناهي غير