للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول البخاري: (بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلاَّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا»، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ». وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: «مَا خَافَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ») (١).

ويقول: (بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، «فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا») (٢) بل إنه أحيانًا يعقد الباب لا يذكر فيه حديثًا واحدًا مرفوعًا، بل يقتصر على الترجمة التي يذكر فيها رأيه، ويدعمه بأقوال الصحابة والتابعين، ومن ذلك قوله في كتاب الطلاق: (بَابُ لَا طَلاَقَ قَبْلَ النِّكَاحِ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} [الأحزاب: ٤٩] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «جَعَلَ اللَّهُ الطَّلاَقَ بَعْدَ النِّكَاحِ». وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَشُرَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَطَاوُوسٍ، وَالحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ (*)، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا لاَ تَطْلُقُ) (٣).

هذا هو كل ما ذكره في هذا الباب، وهو لا يعدو أن يكون رأيًا لهذا الجمع من السلف الصالح. بل قد رأينا البخاري يعطي قول الصحابي حكم الحديث


(١) " البخاري ": ١/ ١١. وقد روى أبو داود عن عمر بن عبد العزيز إجابته عمن سأله عن القدر، محتجًا بها في " سننه ": (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤).
(٢) " البخاري ": ١/ ٣٣.
(٣) " البخاري ": ٣/ ٢٧١، ٢٧٢.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) قَالَ الإِمَامُ القَسْطَلَّانِيُّ: (عَامِرُ بْنِ سَعْدٍ) هُوَ البُجَلِيَّ الكُوفِيُّ التَّابِعِيُّ كَمَا قَالَهُ فِي " الفَتْحِ " وَجَزَمَ الكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ ابْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ ابْنُ حَجَرَ: «وَفِيهِ نَظَرٌ»، وَتَعَقَّبَهُ العَيْنِيُّ بِأَنَّ صَاحِبَ " رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ " لَمْ يَذْكُرْ عَامِرَ بْنِ سَعْدٍ البُجَلِيَّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الأَثَرَ.
" إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري "، للقسطلاني (ت ٩٢٣ هـ)، ٨/ ١٤٢، الطبعة السابعة: ١٣٢٣ هـ، نشر المطبعة الكبرى الأميرية - مصر.

<<  <   >  >>