للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأيه، وبخاصة في مواضع الاختلاف، ويكاد يعتمد عليها وحدها في أبواب التفسير.

فقد روي عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «البِئْرُ جُبَارٌ، وَالعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمْسُ». وقد اختلف في تفسير الركاز: هل هو دفن الجاهلية خاصة، أم هو ما احتوته الأرض من كنوز الثروة الطبيعية، أو الصناعية التي خبأها الإنسان؟.

وقد ترتب على ذلك خلاف في العنبر الذي يستخرج من البحر، هل فيه الخمس أم لا؟ وقد ذهب البخاري إلى أن العنبر ليس بركاز، فلا شيء فيه، وكذلك كل ما يستخرج من البحر، وارتضى ما روي عن ابن عباس في ذلك، ورد على الحسن الذي قال: «إِنَّ فِيهِ الخُمُسُ»:

يقول البخاري: (بَابُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ البَحْرِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «لَيْسَ العَنْبَرُ بِرِكَازٍ هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ البَحْرُ». وَقَالَ الحَسَنُ: «فِي العَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ: الخُمُسُ» فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي الرِّكَازِ الخُمُسَ» لَيْسَ فِي الذِي يُصَابُ فِي المَاءِ).

ثم استدل بما روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ المَدِينُ يَبْحَثُ عَنْ مَرْكَبٍ فِي البَحْرِ لِيَصِلَ إِلَى الدَّائِنِ فَيُوفِيَهُ دَيْنَهُ فَلَمْ يَجِدْ، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ رَمَى بِهَا فِي البَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَإِذَا بِالخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا» (١).


(١) " البخاري بحاشية السندي ": ١/ ١٧١. واستدلال البخاري بهذا الحديث يجعله من الذين يأخذون بشرع من قبلنا، إذا جاء بطريق صحيح، ولم يقم دليل على نسخه، وقد استدل بجزء من هذا الحديث في (بَابُ الشُّرُوطِ فِي القَرْضِ): ٢/ ٧٦، ونقل عن ابن عمر وعطاء: «إِذَا أَجَّلَهُ فِي القَرْضِ جَازَ» وبه أيضًا: ٢/ ٣٩، ٤٠ كما استدل أيضًا بحديث عن بني إسرائيل في: ٢/ ٢٩.

<<  <   >  >>