للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المسح على الخفين، «قِيلَ لأَحْمَدَ: يَمْسَحُ بِالرَّاحَتَيْنِ أَوْ بِالأَصَابِعِ؟ قَالَ: بِالأَصَابِعِ. قِيلَ لَهُ: أَيُجْزِئُهُ بِإِصْبَعَيْنِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ»، وَكَذَلِكَ تَوَقَّفَ عِنْدَمَا سُئِلَ: هَلْ يُجْزِئُ غَسْلُ الخُفِّ بَدَلَ المَسْحِ (١).

ومن أمثلة توقفه أيضًا في ما جاء في صلاة المسافر، فإن المشهور عنه أن المسافر إن شاء صلى ركعتين وإن شاء أتم. وقد روي عنه أنه توقف، وقال: «أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ» (٢).

وإذا جامع الصائم ناسيًا فظاهر المذهب الحنبلي أنه كالعامد، نص عليه أحمد، وروى أبو داود عن أحمد أنه توقف عن الجواب، وقال: «أَجْبُنُ أَنْ أَقُولَ فِيهِ شَيْئًا، وَأَنْ أَقُولَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ». قَالَ: «سَمِعْته غَيْرَ مَرَّةٍ لَا يَنْفُذُ لَهُ فِيهِ قَوْلٌ» (٣).

هكذا كان يتوقف الإمام أحمد في كثير من المسائل، أما المسائل التي كان يجيب فيه فإن إجابته كانت في كثير من الأحيان تتجنب التصريح بالتحليل والتحريم، كما كانت في أحيان أخرى تحمل طابع التردد والحذر والخوف من الخطأ، فلا تدل بوضوح على الحكم، ولذلك قد يقع الاختلاف في تفسير ما يروى عنه.

فعن أحمد روايتان في دم البق والبراغيث وما لا نفس له سائلة، إذا أصاب هذا الدم الثوب أو الجسد. فإحدى الروايتين تقول: إن هذا الدم طاهر، وقد نقل عنه في رواية ثانية أنه قال: «إذَا كَثُرَ، إنِّي لَأَفْزَعُ مِنْهُ».


(١) " المغني ": ١/ ٢٩٩.
(٢) " المغني ": ٢/ ٢٦٧.
(٣) " المغني ": ٣/ ١٢١. ونقل البخاري عن الحسن ومجاهد أن للجامع في رمضان ناسيًا لا شيء عليه (" البخاري بحاشية السندي ": ١/ ٢١٧).

<<  <   >  >>