للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما هو أكثر من قدر الزكاة في سبيل الله سرًا وعلانية، لا يبتغي رياء ولا سمعة، ولا يتبع ما ينفقه بالمن والأذى.

وفي الوقت الذي يحث فيه الإسلام - من خلال فقه المحدثين - على الإعطاء والإنفاق والبذل المادي والمعنوي، يحث أيضًا، وبقدر مساو - على العفاف والأنفة من السؤال، ويعالج الشراهة في طلب المال، كما عالج من قبل الشح والتقتير في إنفاقه. وبذلك يتم التعادل والتكافؤ بين أفراد المجتمع، إذ كل إنسان مطالب بأن يعطي، وفي الوقت ذاته كل محتاج مطالب بأن يتعفف، ولا يجعل السؤال وسيلة للكسب تغنيه عن العمل، بل هو ملجأ عند الاضطرار، يؤخذ منه بقدر ما يعين الإنسان على مواصلة الحياة، وبقدر ما يقيله من عثرته، ويعينه على مواصلة العمل والكفاح، لأن خير المال هو ما كان نتيجة لكسب الإنسان، وثمرة كده وعرقه.

كل ذلك قد ذكره المحدثون في موضوع الزكاة، عن طريق تخيرهم للأحاديث الدالة على هذه المعاني، ووضعهم لها هذا تحت التراجم المنبئة عن رأيهم وفهمهم (١).

أما البيوع فإن المحدثين لم يقتصروا في علاجها على بيان الأحكام المتعلقة بها، بل رأيناهم يضيفون إلى ذلك ما يعين على فعالية هذه الأحكام، وإعطائها قوة التأثير المطلوبة منها.

ولما كانت البيوع من الموضوعات الهامة، التي تعتبر مجالاً للنشاط وابتلاء للسلوك الإنساني، حيث يتعرض فيها لسيطرة الغرائز وسلطان الأهواء


(١) انظر موضوع الزكاة في: " البخاري ": ١/ ١٥٩، ١٧٣؛ و" الترمذي ": ٣/ ٩٧، ١٩٤؛ و" أبي داود ": ٢/ ١٢٦، ١٨٠؛ و" ابن ماجه ": ١/ ٥٦٨، ٥٩٠؛ و" النسائي ": ٥/ ٢، ١٠٥ طبعة المكتبة التجارية.

<<  <   >  >>