للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما نعيها خارجون عن الإسلام يحل قتالهم، ولا يكتفون ببيان مقدارها، وبيان الأموال التي تؤخذ منها، ومقدار النصاب في كل نوع، ولا يقتصر المحدثون عند علاجهم لموضوع الزكاة على هذه المسائل التي يقتصر عليها في الفقه عادة، بل ينثرون بينها ما يحبب الزكاة إلى النفس، ويحرك الدوافع إليها، ويثير الحوافز والرغبة فيها ويحذر النفس من الشح ويخوفها من منع الزكاة. بل يحثها على تجاوز الواجب إلى التطوع، حتى يصبح الإنفاق عادة أصيلة في نفس المسلم، يخرج بها من نطاق الحياة لذاته، إلى محيط المجتمع الرحيب، فيتم التعاون ويتحقق التكافل.

وليس الترغيب في الصدقة متوجهًا إلى من يملكون الكثير فقط، بل كل مسلم مطالب بأن يتصدق، وكل فرد مطالب بأن يقدم للمجتمع شيئًا مما يملك، قليلاً أو كثيرًا، كل على قدر استطاعته، إن لم يكن بالمال، فالبعمل، أو بالنصح والكلمة الطيبة: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ»، «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ»، فَقَالَوا: يَا نَبِيَّ اللهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ , قَالَ: «يَعْمَلُ بِيَدِهِ وَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ»، قَالَوا: فَإِنْ لَمْ لَمْ يَجِدْ؟ , قَالَ: «يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ»، قَالَوا: فَإِنْ لَمْ لَمْ يَجِدْ؟ , قَالَ: «فَلْيَعْمَلْ بِالمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكُ عَنْ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَة».

إن الزكاة الواجبة تأخذها الدولة من الأغنياء لتردها على الفقراء، ولتصلح بها من شأن المجتمع وليس صلاح هذا المجتمع مسؤولية الدولة فقط، بل هي مسؤولية كل فرد في الدولة المسلمة. وليست الزكاة ضريبة وَعِبْءًا مَالِيًّا، يحاول المسلم أن يتحايل عليه لإعفائه منه، بل هي عبادة يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويحرص على أدائها في وقتها، سواء طلبتها السلطة الحاكمة أم لا. فإخراجها لا تنفرد به الدولة، بل هو أيضًا مسؤول ومنتفع بإخراجه الزكاة، حيث يبارك له في ماله ويرضى عنه ربه. بل المسلم ينفق

<<  <   >  >>