للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُخْتِي، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: " هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "» (١).

وفي ذلك دليل على أن قول المكره لا أثر له، لا في ظهار، ولا في طلاق، ولا في غيرهما كما صرح البخاري بذلك في الباب الذي ذكر فيه نماذج من الأشخاص الذين لا يتوفر عنصر القصد في تصرفاتهم، محتجًا بالحجة الرئيسية لهذا الاتجاه، وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، مع احتجاجه بأقوال الصحابة والتابعين:

يقول البخاري: (بَابُ الطَّلاَقِ فِي الإِغْلاَقِ وَالكُرْهِ، وَالسَّكْرَانِ وَالمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا، وَالغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلاَقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». وَتَلاَ الشَّعْبِيُّ: {لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ المُوَسْوِسِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ: «أَبِكَ جُنُونٌ؟» وَقَالَ عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ، مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا [مَعَهُ]. وَقَالَ عُثْمَانُ: «لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلاَقٌ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ». وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: «لَا يَجُوزُ طَلاَقُ المُوَسْوِسِ»).

ثم يذكر البخاري في الترجمة نفسها أن الطلاق المعلق على شرط لا يقع إلا بوقوع الشرط سواء بدئ بلفظ الطلاق أو بدئ بالشرط: أي لا فرق


(١) " البخاري بحاشية السندي ": ٣/ ٢٧٢.

<<  <   >  >>