للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[د] رَفْضُ بعضهم لِلْسُّنَّةِ أَصْلاً وعدم اعتبارها أصلاً من أصول التشريع، ورَفْضُ بعضهم خبر الآحاد وعدم اعترافه إلاّ بالخبر المتواتر، وقد ناقش هذين الإمام الشافعي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - (١)، أما الذين قبلوا أخبار الآحاد منهم فقد اختلفوا اختلافًا كبيرًا في شروط قبولها ممّا قد يظن معه عزوفهم عن السنة، «فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَثْبُتُ الخَبَرُ بِالوَاحِدِ الصَّادِقِ، وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِثَلَاثَةٍ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} (٢) قَالُوا: وَأَقَلُّ مَا تَكُونُ الطَّائِفَةُ ثَلَاثَةٌ، وَغَلَطُوا فِي هَذَا القَوْلِ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ تَكُونُ وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَكْثَرَ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ بِمَعْنَى القِطْعَةِ، وَالوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ قِطْعَةً مِنَ القَوْمِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٣) يُرِيدُ الوَاحِدَ وَالاِثْنَيْنِ، وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِأَرْبَعَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (٤)، وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِاثْنَيْ عَشَرَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} (٥)، وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِعِشْرِينَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (٦) وَقَالَ آخَرُ: يَثْبُتُ بِسَبْعِينَ رَجُلاً، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} (٧)، فَجَعَلُوا كُلَّ عَدَدٍ ذُكِرَ فِي القُرْآنِ حُجَّةً فِي صِحَّةِ الخَبَرِ» (٨).


(١) انظر " الرسالة ": ٢٦٩، ٤٧٠؛ و" الأم ": ٧/ ٢٥٠، ٢٦٣.
(٢) [التوبة: ١٢٢].
(٣) [النور: ٢].
(٤) [النور: ١٣].
(٥) [المائدة: ١٢].
(٦) [الأنفال: ٦٥].
(٧) [الأعراف: ١٥٥].
(٨) " تأويل مختلف الحديث ": ٧٨، ٧٩.

<<  <   >  >>