للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحتمل أن يكون المعنى: ما نرفع من حكم آية وتلاوتها أو ننسكها يا محمد، فلا تحفظ تلاوتها، نأت بخير منها، أو مثلها، أي: نأتي بأصلح منها لكم، وأصلح في التعبّد، أو نأت بمثلها في التعبد. وقد بيّنا هذا في كتاب «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه» بأقسامه ومعانيه. والاختيار فتح النون في «ننسخ» لأنه الأصل، ولأنه ظاهر التلاوة، ولأنه قد أجمع عليه القراء، وهو اختيار أبي عبيد وغيره (١).

«٦٢» قوله: (أو ننسها) قرأه أبو عمرو وابن كثير بفتح النون الأولى، وفتح السين والهمز (٢)، جعلاه من التأخير على معنى: أو نؤخر نسخ لفظها نأت بخير منها، فهو من: نسأ الله في أجلك، أي: أخّر فيه (٣). وتأخير النسخ على وجهين: أحدهما أن يؤخّر التنزيل للآية (٤)، فلا ينزل من اللوح المحفوظ، والثاني: أن ينزل القرآن، فيتلى، ويعمل به، ثم يؤخّر، فينسخ العمل به دون اللفظ أو ينسخ العمل به واللفظ، أو ينسخ اللفظ ويبقى العمل.

وكل هذا قد فسّر ومثّل وبيّن في كتاب «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه»، وبه قرأ عمر وابن عباس وعطاء (٥) ومجاهد وأبيّ بن كعب وعبيد بن عمير (٦)


(١) التبصرة ٥٢ /ب، والتيسير ٧٦، والحجة في القراءات السبع ٦٣. وزاد المسير ١/ ١٢٧، وتفسير غريب القرآن ٦٠، وتفسير ابن كثير ١/ ١٤٩، وتفسير النسفي ١/ ٦٧، وإيضاح الوقف والابتداء ٥٢٧
(٢) ص: «الهمزة».
(٣) تفسير غريب القرآن ٦١، والقاموس المحيط «نسا».
(٤) ب: «لذاته» وتصويبه من: ص.
(٥) عطاء بن يسار أبو محمد الهلالي، مولى ميمونه أم المؤمنين، وردت عنه رواية حروف القرآن، أدرك زمن عثمان، وروى عن مولاته وأبيّ وزيد بن ثابت، وعنه مثل زيد بن أسلم (ت ١٠٢ هـ)، ترجم في طبقات ابن سعد ٥/ ١٧٣، وطبقات القراء ١/ ٥١٧
(٦) عبيد بن عمير، اللّيثي، رويت عنه الحروف، وروى عن عمر وأبيّ، وعنه مجاهد وعطاء، من كبار التابعين، ثقة (ت ٧٤ هـ)، ترجم في طبقات ابن سعد ٥/ ٤٦٣ وطبقات القراء ١/ ٤٩٦